الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }

{ فَإِن لَمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَداً } يأذن لكم * { فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ } اي حق يكون فيها من يأذن لكم فتدخلوا بعد ان ياذن لان الاستئذان لم يشرع لئلا تطلع على العورات فقط بل وعلى ما يتحفظ صاحبه من اطلاع أحد عليه ويدخل باذن صبي من داخل ويأذن من ليس من أهل البيت من داخل. وقيل لا يدخل الا باذن من هو أهل البيت لان الدخول بغيره تصرف في ملك الغير بلا اذنه وحمل عليه صاحب هذا القول الآية اي فان لم تجدوا فيها احدا من أهلها فلا تدخلوها حتى يأذن لكم من هو من أهلها { فَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا } لا تلحوا في الدخول ولا تقفوا على الابواب منتظرين فان هذا ضار لاصحاب البيوت ولا سيما ان كانوا ذوي مروءة مرتاضين في الآداب الحسنة وإذا نهي عن ذلك لادائه إلى ما نكره وجب الانتهاء عن كل ما نؤدي إلى ما يكرهه صاحب البيت من قرع الباب بعنف والتصيح بصاحب الدار ونحو ذلك مما يضر. وعن ابي عبيد ما قرعت بابا على عالم قط * { هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } اي الرجوع طيب لكم واطهر لما فيه من سلامة للصدور والبعد من الريبة وانفع بدينكم ودنياكم فان للناس حاجات ولهم اشغال وإذا حضر إلى الباب ولم يستأذن وقعد منتظرا جاز. كان ابن عباس رضي الله عنهما يأتي دور الانصار لطلب الحديث فيقعد على الباب ولا يستأذن حتى يخرج اليه الرجل فاذا خرج ورآه قال يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اخبرتني بمكانك فيقول هكذا امرنا ان نطلب العلم. والنظر من خلل الباب كبيرة ومن رمى الناظر من خلل الباب وضره أو قتله أو فقأ عينه فلا حرج عيله كما روي " إنه اطلع رجل في باب النبي صلى الله عليه وسلم رماه بسهم فقال لو أَصابه لهدر دمه ". وفي رواية كان معه عصا اجل بها. وفي رواية " يحك بها رأسه فقال لو علمت انك تنظر لطعنت بها عينك انما الاستئذان من النظر اي شرع لاجل النظر لا للدخول " والحديث مروي بالمعنى وقال " من اطلع في بيت قوم بلا اذن فحذفته ففقأت عينه ما كان عليك حرج " وفي رواية " جناح " وعن قتادة قال رجل من المهاجرين لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما ادركتها ان استأذن على بعض اخواني فيقول لي ارجع فارجع واني مغتبط لقوله تعالى { هُوَ أَزْكَى لَكُم } ويحتمل ان يراد بالقول ارجعوا مجرد عدم الاذن سواء كان بالقول ارجعوا أو بالقول انا مشغولون أو نحو ذلك أو بعدم رد الجواب اصلا لكن يكون فيه استعمال الكلمة في الحقيقة والمجاز { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } فيجازيكم على الدخول بلا اذن.