الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ } بالزنى { الْمُحْصَنَاتِ } العفائف عن الزنى * { الْغَافِلاَتِ } عما قذفن به بان لا يقع في قلوبهن فعله { الْمُؤْمِنَاتِ } وذلك تعظيم لعائشة فان فيه اشارة إلى انها محصنة غافلة مؤمنة وتهوين وتحقير وذم لقاذفيها مع ان هذه صفاتها استباحة لعرضها وطعنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين * { لُعِنُواْ فِي الدُّنْيَا } بالحد والبغض والشتم * { وَالآخِرَةِ } بعذاب النار وغيرها استحقوا الاهانة والبعد عن مواطن الخير في الدنيا والآخرة ولذا عبر بالماضي مع ان الآخرة مستقبلة ولانها كالحاضر لانها لا بد منها * { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وذلك في كل مقذوفة مؤمنة محصنة. وقيل ذلك في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل في عائشة وجمعت تعظيما والتوبة مبسوطة لكل قاذف وذكر بعضهم ان ذلك في حق عبدالله بن ابي أبي سلول لا توبة له. وعن سعيد بن جبير من قذف زوجة من ازواج النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا فلا توبة له ومن قذف مؤمنة غيرهن فله توبة لقوله تعالى { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ } إلى قوله { تَابُوا } ولم يجعل لقذفه عائشة توبة والصحيح ان لهم توبة لدخولهم في تلك الآية وتقييد عذابه بعذاب التوبة من تلك الآية وغيرها ولان المراد بالفضل والرحمة والتفضل بقبول التوبة وغيره وعن بعضهم ان لكل قاذف توبة الاقاذف عائشة رضي الله عنها. وكان ابن عباس بالبصرة يوم عرفة وجعلوا يسألونه عن تفسير القرآن حتى سئل عن هذه الآيات. فقال من اذنب ذنبا ثم تاب منه قبلت توبته الا من خاض في أمر عائشة ولو فتشت وعيد القرآن كله ووعيد عبدة الاصنام وغيرهم لم تجد فيه وعيدا يساوي قذف عائشة في الغلظ ولا وعيد الا دون وعيد قذفها نزل فيه آيات مشحونة بأبلغ عقاب وتشنيع على طرق مختلفة كل واحد منها كاف في بابه اوجز واشبع واجمل وافضل واكد وكرر ولو لم ينزل الا هذه الآية لكفى بها إذ جعلهم ملعونين في الدارين وتوعدهم بالعذاب العظيم في الاخرة وبشهادة جوارحهم بما افكوا بانه يوفيهم الله جزاهم الذي اهم اهله فيعلمون ان الله هو الحق وما ذلك الا تعظيم لعائشة تعظيما لم يعظمه غيرها واظهار لعلو منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبراءة ساحة سيد ولد آدم وخيرة الخلق وغضب شديد في حرمته ونفي التهمة ولا يخفى ذلك على من تأمل آيات الافك. ولقد برأ الله يوسف بلسان الشاهدوشهد شاهد من أهلها } وموسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه كما تراه في محله ومريم بنطق ولدها عليهم الصلاة والسلام وكما بين تبرئة هؤلاء وتبرئة عائشة رضي الله عنها في هذه الآيات العظام في كتابه المعجز المتلو على مر الدهور المحفوظ عن التبديل والتغيير.