الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }

{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ } اي قلنا يا ايها الرسل هذا النداء والخطاب بعده ليسا على ظاهرهما لان الرسل في ازمنة مختلفة وانما المراد الاعلام بان كل رسول في زمانه نودي وخوطب وذلك ابلغ طريق فان امرا نودي له جمع الرسل وخوطبوا به لجدير ان يؤخذ به وفي ذلك اشارة إلى ان تهيئة اسباب النعم لم يكن له خاصة وان اباحة الطيبات المرسل شرع قديم واحتجاج على الرهبانية في رفض الطيبات أو حكاية لما ذكر لعيسى وامه عند ايوائهما إلى الربوة ليقتديا بالرسل في تناول ما رزقا. وعندنا وعند المعتزلة كلام الله تعالى حادث مخلوق ومذهب غيرنا وغيرهم قديم غير مخلوق فاجازوا ان يكون النداء والخطاب قبل خلق الخلق على تقدير وجوده بعد والذي ذكره اصحابنا في علم الكلام امتناع امر ونهي في الازل واختلاف في آمر وناه على معنى انه سيأمر وينهى. ومذهب المعتزلة منع ذلك كله. وقالت فرقه النداء والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والجمع اما تعظيم له واما كما تقول للعالم الواحد يا علماء انكم أئمة يقتدى بكم فتمسكوا بعلمكم وعلى هذا الشق عياض ولا يقدر القول على الشقين. وقال الطبري الخطاب لعيسى ويجرى فيه الشقان والصحيح القول الاول ويليه الشق الثاني في القولين الاخيرين. وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال { يَا أَيُّهَا الرُّسْلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلونَ عَلِيمٌ } وقاليا أَيها الذين ءآمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر " الرجل يطيل السفر أَشعث أَغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فانى يستجاب لذلك " والمراد بالطيبات ما يستلذ من المباحات وقيل الحلال الصافي القوام فالحلال ضد الحرام وتلتحق به الشبهة المحققة على خلف فيها والصافي ما لا ينسى فيه الله والقوا مما تقوم به الذوات والعقل. وذكر بعضهم ان طيبات الرزق حلال وهو ما لا يعصى الله فيه وصاف وقوام وهما ما ذكرته والعمل الصالح الفرض والنفل وذكر انه يعلم ما يعملون فيجازيهم وليس يضيع وفي هذا تحذير من مخالفة ما اثروا به.