الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ }

{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ } عام. وقيل المراد أهل مكة { ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا } انما سمي ما يأتي مثلا وليس مثلا لانه صفة مستغربة او قصة رائعة تتلقى بالاستحسان فهو شبيه ببعض الامثال المسيرة المستحسنة المستغربة أو المراد جعل الله مثلا في استحقاق العبادة والاستماع للمثل أو شأنه استماع تدبر وتفكر. { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ } وهم الاصنام. وقرأ يعقوب بالتحتية. وقرئ بالبناء للمفعول مع التحتية والعائد على الأولين محذوف وعلى الثالث هو الواو { لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً } قيل المراد الجنس والواحد ذبابة وهو كالقوم والنخل يجوز رد الضمير إليه مفردا وجمعا والذبابة تقع على الذكر والانثى ويجمع الذباب على اذبة وذبان بالكسر ولا يقال ذبانة. وقيل يطلق ايضا على المفرد وانه هنا كذلك وسمي ذبابا لانه يذب فيرجع ولن للنفي القوي فكأنه قيل يستحيل ان يخلقوا ذبابا فاذا لم يقدروا على خلقه مع صغره فكيف يعبدون؟ { وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ } الواو للمعطوف على محذوف اي ان لم يجتمعوا ولو اجتمعوا أو للحال لا يقدرون على خلقه مجتمعين لخلقه فكيف إذ كانوا منفردين وجواب لو دل عليه ان يخلقوا والهاء عائدة للخلق المفهوم من لن يخلقوا وللذباب على حذف مضاف اي لخلقه وهذا من ابلغ ما نزل في استجهال قريش واستركاك عقولهم حيث وصفوا بالالوهية المقتضية للقدرة على كل شيء صوارا يستحيل منها ان تخلق شيئا ذليلا حقيرا صغيرا ولو اجتمعوا له وذلك مثال لا قيد يخرج ما تحته فان الخلق كلهم لو اجتمعوا ان يخلقوا ما دون الذباب لم يقدروا وادل من ذلك على عجزهم ان هذا الخلق الاقل الاذل لو اختلط منهم شيئا فاجتمعوا ان يستخلصوه منه لم يقدروا كما قال { وَإِن يَسْلُبْهُمْ } أي الاصنام * { الذُّبَابُ شَيْئاً } من الطيب والزعفران الملطخين به { لاَ يَسْتَنقِذُوهُ } لا يستردوه لعجزهم فكيف يكونون آلهة وكانوا يضعون الطعام بين يديها فيجيئ الذباب فيأكل منه ويطلونها بالزعفران والطيب فتقع الذباب عليها فتسلبه حيث كان في الوجه أو غيره وكانوا يغلقون الباب فتدخل من الكوى ويطلونها ايضا بالعسل. وعن ابن عباس يطلونها بالزعفران وكانوا يتألمون بوقوع الذباب عليها أو سلبها وشيئا مفعول ثاني والسلب المنع أي يمنعهم شيئا اي يزيله عنهم. قيل لن لما فيها من تأكيد النفي دالة على منافاة ما بين المنفي والمنفي عنه ولن للتابيد ما لم يدل دليل على عدمه { ضَعُف الطَالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } الطالب الذباب لانه يطلب ما على الاصنام ويسلبه والمطلوب الاصنام لانها مطلوبة للذباب ولا تمتنع منه فهي ضعيفة قاله ابن عباس أو الطالب الاصنام اي ينبغي ان تكون طالبة لما يسلب منها على معهود الانفة في الحيوان والمطلوب الذباب ينبغي ان يكون مطلوبا لها لما سلبها. وقيل الطالب الكفار اي ضعفوا في طلب الفضيلة من الاصنام والمطلوب الاصنام تضعف في انالة ما طلب منها. وقرب منه ما قيل ضعف العابد والمعبود والصنم لكونه جمادا اضعف من الكافر ومن الذباب.