الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ }

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ } طرف من الدين لا ثبات له فهو في شك واضطراب لا في وسط الدين وقلبه كالذي يكون على طرف جبل أو كالذي يكون على طرف العسكر ان احسّ بظفر وغنيمة قر وإلا فر كما قال عز وعلا { فَإِنَ أَصَابَهُ خَيْرَ اطْمَأَنَ } رضي وسكن * { بِهِ } وقال انا منكم الخير المال والصحة في النفس والولد * { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } ابتلاء في مال أو نفس أو ولد { انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } رجع إلى الكفر شبه الارتداد بالانكباب على الوجه. قيل نزلت هذه الآية في أعاريب قدموا المدينة فكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا وولدت امرءته غلاما سويا وكثر ماله وماشيته فقال ما اصبت مذ دخلت في ديني الا خيرا واطمئنان وان كان الامر بخلافه قال ما اصبت الا شرا وانقلب. وعن أبي سعيد الخدري ان رجلا من اليهود اسلم فاصابته مصائب فتشاءم بالاسلام فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقلني فقال ان الاسلام لا يقال فنزلت. والاول قول ابن عباس { خَسِرَ الدُّنْيَا والآخِرَةَ } فعل ومفعول وفاعل مستتر اما خسران الدنيا فبذهاب نعمته واما خسران الآخرة فلعدم صبره فيثاب ولحبوط عمله بالارتداد قال ابن هشام وفيها قراءة غريبة وهي { خَسِرَ الدُّنْيَا والآخِرَةَ } بخفض الآخرة عطفا على الدنيا المخفوض على اضافة خسر إليه على ان خسر صفة مشبة كفهم وفطن منصوب على الحال لا ماض مبني على الفتح. وقرأ الاعرج خاسر الدنيا والآخرة بالخفض على اضافة اسم الفاعل. وقرأ بعض خاسرا بالتنوين ونصب ما بعده وبعضهم خاسر بالرفع والاضافة على انه فاعل انقلب وضعا للظاهر موضع المضمر أو خبر لمحذوف أي هو خاسر الدنيا والآخرة فليس فيه ذلك الوضع { ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ الْمُبِينُ } إذ لا خسران مثله ووجه الخسران ما عداه من الخسران كاللاخسران لعظمه.