الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } * { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ }

{ إنَّكُمْ } يا أهل مكة { وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } الأصنام وإبليس وإخوته. { حَصَبُ جُهَنَّمَ } ما يرمى بها إليها، وتهيج به، من حَصَبه حصبا بسكون صاد المصدر، أى رماه بالحصباء. وقرئ حصْب جهنم بالإسكان، جعلوا مبالغةً نفسَ الحصب، أو يقدر مضاف أو يؤول باسم مفعول، أى محصوبها، أى ما تحصب به. وقرئ حضب بالإعجام مفتوحًا ومسكنًا. وقرأ أُبىّ حطب، بالطاء المهملة. وعنه صلى الله عليه وسلم " الشمس والقمر فى النار " قال بعضهم ألستم تقرؤون إنكم وما تعبدون الخ؟ " روى أنه صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، وصناديد قريش فى الحطيم، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجلس إليهم، فعرض له النضر بن الحارث فكلّمه صلى الله عليه وسلم، فأفحمه، وتلا { إنكم وما تعبدون } الخ فأقبل عبد الله بن الزِّبَعْرَى فوجدهم يتهامسون. فقال فيم خوضكم؟ فأَخبره الوليد بن المغيرة، بقوله صلى الله عليه وسلم فقال أمَا والله لو وجدته لخصته فدعوه. فقال له أنتَ قلت ذلك؟ قال نعم. قال قد خصمتك ورب الكعبة، أليس اليهود عبدوا عزيرا؟ والنصارى عيسى؟ وبنو مُدْلِج الملائكة؟ فقال صلى الله عليه وسلم بل عبدوا الشياطين التى أمرتهم بذلك، وإنك جاهل بلغة قومك فإن { ما } لغير العقلاء إلا بقرينة، " وهذا دليل على أن ما تعبدون مراد به غير العقلاء، وأيضًا الخطاب لكم، وأنتم تعبدون الأصنام، وأن المراد هذه الأصنام الحاضرة ويقاس عليها غيرها قياسًا. ونزل { إن الذين سبقت لهم } الخ، وهم عيسى وعزير وغيرهما ممن لم يُعبد، وأما الملائكة فيفهم إبعادهم عنها بـ لأَولى. قيل يجوز أن يراد العقلاء فيكون الجواب، بأن الذين سبقت الخ دليل على ذلك، وعلى إخراج بعض العقلاء المعبودين. وقد روى أن ابن الزِّبَعْرَى قال هذا خاص بآلهتنا أو بكل من عُبِد؟ فقال صلى الله عليه وسلم لكل مَن عُبِد فالجواب متأخر عن الخطاب بما، للتجوز فى لفظ { ما } أو للتخصيص، وسـتأتى القصة - إن شاء الله. وروى أنه أجاب بالآية بعد ذلك. فقال له هل لا إذ سألناك قلت، ولكن تفكرت إذ خلوت. قال ابن حجر الزبعرى بكسر الزاى وفتح الباء وسكون العين المهملة معناه السيئ الخلق، أو كثير شعر الوجه. قال إن عبد الله بن الزِّبْعَرَى هو ابن الزبعرى بن قيس بن عدى بن سعيد بالتصغير ابن سهم من أعيان قريش فى الجاهلية، ومن فحول الشعراء، وكان يهاجى المسلمين. أسلم عام الفتح، وحَسُن إسلامه، وله أشعار يعتذر فيها مما سبق منه، فهو لم يعمه الخطاب، وإنما يُقرَنون بآلهتهم فى جهنم، لزيادة غم، حيث أصابهم ما أصابهم بها، والنظر فى وجه العدو باب من العذاب، ولأنهم قد رأوا أن يشفعوا، فإذا رأوهم بتلك الحالة كانوا أبغض شئ إليهم.

السابقالتالي
2