الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ }

{ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ } أى الرسل أو الرجال الموحَى إليهم والمتصَدَقُ واحدٌ. { جَسَدًا } مفرد مراد به الجنس، كأنه قيل أجساد، أو فى الإفراد والتنكير إيماء إلى نوع، كما يظهر بتقدير مضاف، أى ذوى قوى من الأجساد أو أفرد لأنه فى الأصل مصدر، أو الحكم على الجمع، أى ما جعلنا آدم جسداً لا يأكل، وما جعلنا إدريس جسداً لا يأكل. وهكذا، فاختص بقوله ما جعلناهم جسداً. والجسد جسم ذو لون، ولذلك لا يقال للماء والهواء لأنهما ولو كانا جسمين لكن لا لون لهما. وإنما يتلوّن الماء بكون ظرفه أو مقابله، وما يُرى فى الريح إنما هو تراب أو نحوه. وقال الفخر بل الماء له لون يُرى لا يحجب عما وراءه. وقيل الجسد جسم ذو تركيب، لأن أصله جمع الشئ واشتداده. { لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ } نعت لجسدا على المعنى، أو مفعول ثان بعد مفعول ثان متعدد. فإن أريد بالجسد ما لا يتغذى، فهو منفى كالجملة بعده المؤكدة، وإن أريد ما يتغذى فهو مثبت. والنفى متسلط على الجملة بعده وذلك من تمام الجواب السابق. وقيل جواب لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام. { وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ } تأكيد لما قبله فإن من يأكل الطعام لا بُدَّ له من الموت. والطعام نفسه من أسباب الموت. وذلك إما لاعتقادهم أن الملائكة لا يموتون، أو علموا أنهم يموتون، لكن سمّوا طُول حياتهم خلودا.