الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ }

{ قَالُوا حَرِّقُوهُ } أى إبراهيم لما عليهم بالحجة أرادوا إحراقه. وهكذا المبطل، إذا أدحضت شبهته بالحجة وافتضح، لم يكن أحد أبغض إليه من المحق، ولم يبق له مفزع إلا معاداته، كما فعلت قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أعجزهم، وقائل ذلك هو نمرود. وقال ابن عمر رجل من الأكراد، من فارس، من باديتهم، وهو عجمى. قال شعيب الجمان اسمه هرز وهو قول ابن عباس. وقيل نمرود بن لوش. وقيل هينون، وخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ونسب القول إليهم، إما حكما على المجموع، وإما لرضاهم قول القائل وأتباعه، أو لقولهم تبعًا لقوله، فالكل قال، لكن بعض قال أصالة، وبعض تبعا، واختاروا العقاب بالنار لأنها أهول ما يعاقب به وأفظعه ولذلك لا يعذب بالنار إلا خالقها كما قال. { وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } أى ناصرين لها نصراً مؤزَّرا، وإلا كنتم مقصرين فى حقها. قال الثعلبى فى عرائس القرآن لما عزم نمرود وقومه على إحراق إبراهيم، حبسوه فى بيت، وبنوا له بنيانا كالحظيرة، فى قرية تسمى " كوثى " بثاء مثلثة، من العراق ويقال لها حرة السواد، وبها وُلد، ثم جمعوا له الحطب من أصناف الخشب، حتى إن المرأة تمرض وتقول لئن عوفيتُ لأجمعن حطبا لإبراهيم. وكانت المرأة تنذر إن أدركتْ ما تطلب لتجمعن له حطبا، وكذلك الرجل ويفعلون ذلك احتسابا، وتغزل المرأة، وتشترى الحطب بغزلها. وكانوا يوصون بشراء الحطب، حتى إن الشيخ الكبير الفانى الذى لم يخرج زمانا يجئ بالحطب، ويلقيه تقربا إلى آلهتهم. قال ابن إسحاق كانوا يجمعون الحطب شهرا، وجمعا كثيرا، فأشعلوا النار فى كل ناحية، فاشتد التهابها، حتى إن الطائر يمر بالهواء فيحترق. قيل أوقدت سبعة أيام، ثم أرادوا إلقاءه فيها، ولم يتمكنوا منه لشدة الحريق، فجاء إبليس فى صورة شيخ فقال أنا أدلكم على صنعة آلة يلقى بها، فعلمهم صنعة المنجنيق، وهو أول ما صنع، فوضعوه مقيدا مفعولا فى المنجنيق. وقيل رفع إلى رأس البنيان وقيد، وصنع المنجنيق، وأمسكوا المنجنيق، فقبضت الملائكة على أستاره. فقال لهم إبليس إيتوا بالنساء منكشفات، ينكشفن للرجال، ففعلوا. وصاحت السماوات والأرض، من الملائكة والدواب إلا الإنس والجن صيحة واحدة يا ربنا إبراهيم خليلك ليس فى الأرض أحد يعبدك غيره، يحرق فيك. فائْذَن لنا فى نصرته. فقال لهم تبارك وتعالى إن استغاث بشئ منكم أو دعاء فلينصره، فقد أذنت له، وإن لم يدْع غيرى فأنا أعلم به، وأنا وليُّه. فخلوا بينى وبينه. فلما أرادوا إلقاء، أتاه مَلَك المياه فقال إن أردت أخمدت النار، فإن خزائن المياه والأمطار بيدى. وأتى خازنُ الريح فقال له إن شئت طيَّرت النار فى الهواء فإن خزائن الريح بيدى.

السابقالتالي
2 3