الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ }

{ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ } مثل ذلك نمروذ وأشرافهم، أو القوم حكاية عنه. وذلك أمر بالإتيان به ظاهراً، بحيث تتمكن صورته فى أعينهم، تمكن الراكب على المركوب. { لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } أنه الفاعل، أو القائل، أو يشهدون عقوبتها، كأنهم على الوجهين الأولين كرهوا أخذه بغير بينة، وعلى متعلق بالفعل قبله، أو بمحذوف حال من الهاء. قال الثعلبى فى عرائس القرآن أراد إبراهيم - عليه السلام - أن يرى قومه الأوثان التى كانوا يعبدونها من دون الله وعجزنا، إلزامًا للحجة، وإثباتًا لها عليهم، فجعل ينتهز لذلك فرصة، ويحتال فيه إلى أن حضر عيدهم. قال السدى كان لهم فى كل سنة عيد، يجتمعون فيه، ويخرجون إليه وكانوا إذا رجعوا من عيدهم، دخلوا على الأصنام، فسجدوا لها، ثم عادوا إلى منازلهم. فلما كان ذلك العيد قال أبو إبراهيم يا إبراهيم لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا. ويروى أعجبك عيدنا، بإسقاط لفظ ديننا فخرج معهم، فألقى نفسه فى الطريق. فقال إنى سقيم، أشتكى رجلى، فنظروا رجله، وهو صريع، فلم يروا شيئًا. فلما مضوا عائدين فى آخرهم، وقد بقى ضعفاء الناس قالوتاللهِ لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } فسمعوها منه. وقال مجاهد وقتادة إنما قال إبراهيم هذا فى سر من قومه، لم يسمع ذلك إلا رجل منهم وأفشاه، فرجع من الطريق إلى بيت الآلهة. فإذا بباب فيه بهو عظيم، يستقبل باب البهو صنم عظيم، إلى جنبه صنم آخر أصغر منه. وكل صنم أكبر من الذى يليه إلى باب البهو مصطفة. قلت هى اثنان وسبعون صنما، فإذا هو بطعام مجموع بين أيديهم. يقولون إذا رجعنا أكلنا، وقد تناولت الآلهة منه، فتتبرك به فقال لهم ألا تأكلون. ما لكم لا تنطقون. فراغ عليهم ضربا باليمين. فأقبلوا إليه يزفون. قال قتادة والسدى والضحاك قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون عقابه. وقيل لما خرجوا للعيد وهو معهم، بدأوا بالأصنام، فدخلوا عليها، فسجدوا إلا إبراهيم لها، ووضعوا طعاما، وخرجوا به ثم رجع. وقيل بقى معها. وقال إنى سقيم. وقيل إنها سبعون، وكسرها كسرا فظيعا، مع أنها - مما علمتَ - من ذهب وغيره، مما هو قوى بعون الله. وروى أنه قطع أيديها وأرجلها، وفقأ أعينها وكسَّر وجوهها إلا كبيرها. فلما رجعوا من عيدهم، رأوا هذا الكسر الشديد، فحسبوه من الظل، لجراءة فاعله على الآلهة الحقيقة عندهم بالتوفير، لإفراطه فى كسرها والاستهانة بها.