الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }

{ بَلْ نَقْذِفُ } نرمى { بِالْحَقِّ } الإيمان والقرآن والرسالة والشرع، وكل ما هو حق. وقيل هو قوله إنه لا ولد له. { عَلَى الْبَاطِلِ } الشرك وما ليس بحق. وقيل قولهم اتخذ الله ولداً. { فَيَدْمَغُهُ } يذهبه. وقرئ بضم الميم وقرئ بالنصب عطفا لمصدره على الحق، على حد
ولُبْسُ عَباءَةٍ وتَقَرُّ عينى   
أو على القذف المفهوم، أى يكون منا القذف بالحق على الباطل فيدمغه. وهذا ضعيف. وعبارة ابن هشام حذفت أن فى هذه القراءة شذوذاً انتهى. وقيل بقياس حذفها مطلقا فى كل موضع. وقيل بشرط رفع الفعل فى غير المواضع المشهورة، مثل ما بعد لام كى. ووجه الضعف أنه لم يتقدم نفى أو طلب. والإضراب هو عن اتخاذ اللهو واللعب، وتنزيه منه لذاته، أى ليس من عادتنا اللهو، بل تعليب الحق على الباطل. والقذف الرمى البعيد المستلزم لصلابة المرمى. وذلك حقيقة فى الأجسام، فاستعير لإيقاع الحق على الباطل، واشتق منه نقذف بمعنى نوقع الحق عليه. والدمغ كسر الدماغ بحيث يتطوّق غطاءه، فتزهق الروح، استعير لإذهاب الباطل، واشتق منه يدمغ بمعنى يذهب، أو شبه الحق بنحو حجر، والباطل بنحو إنسان، فنسب القذف للحق، والدمغ والزهوق للباطل، نسبة إيقاعية، إلا الزهوق فنسبته وقوعية. كذا ظهر لى. ويحتمل غير ذلك، كما تعلمه من شرحى على شرح عصام الدين. { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } ذاهب الروح، فهو ترشيح للاستعارة، إذا جعلنا الباطل مستعملا فى الإنسان، أى أطلق، وأريد به الإنسان مجازاً لا الإنسان حقيقة أوْ لا استعارة بيدمغ. { وَلَكُمْ الْوَيْل } العذاب الشديد، أى واد فى جهنم يا كفار مكة، أو الخطاب لجميع الكفار. { مِمَّا تَصِفُونَ } ما مصدرية، أو موصوفة، وعليهما فالرابط محذوف، أى مما تذكرونه، وتقولونه فى الله. وأما قول بعضهم إن الأصل مما تصفون الله به فضعيف لأن هذا الرابط المجرور لم يتعلق بما تعلق به الموصول ولم يجرّ بما جُرَّ به، فإن ما مجرورة بمن، متعلقة بما تعلق به لكم، وهو الاستقرار، أو بمحذوف حال من ضمير الاستقرار، ومن هذه للتعليل أو للابتداء، على معنى أنه تحصَّل لكم الويل، وخرج لكم مما تصفون، والهاء مجرورة بالباء متعلقة بتصفون.