الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }

{ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ } الدعوى، أو القولة، أو الكلمات { دَعْوَاهُمْ } يصيحون بها، ويرددونها. وإنما سماها دعوى لأنهم كالداعى يا ويلُ احضر، فهذا وقتك. وتلك اسم زال، ودعوى خبر، أو تلك خبر، ودعوى اسم، والأول أولى لسلامته من التقديم والتأخير ولأن المراد الإخبار لدوام تلك الدعوى الصادرة منهم، ولأنه لا يظهر الإعراب فى واحد فهو محل لَبس، فليكن المقدم هو الاسم، كما أن المقدم هو الفاعل فى نحو ضرب موسى عيسى، حيث لا دليل على خلاف ذلك، لكن التباس اسم زال بخبرها غير صائر لأن كلا منهما هو الآخر، بخلاف المفعول والفاعل. قال ابن هشام عن ابن الحاج عن الزجاج لا خلاف فى أنه يجوز كون تلك اسم زال، ودعواهم خبرها، وبالعكس. انتهى. ولا يقال كما يمنع تقديم الخبر على المبتدأ إذا خيف اللبس، كذلك يمنع جعل تلك خبراً مقدما لأنا نقول محل المنع ما إذا فسد المعنى فى الآية صحيح على كل وجه. { حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصَيدًا } أى كزرع محصود بالمنجل، فهو استعارة على أحد القولين، فى نحو زيد أسد، مما ذكر فيه المشبه والمشبه به، بدون أداة التشبيه، أو الأصل مثل حصيد، فهو مجاز بالحذف وقد علمت أن حصيدا نعت لمحذوف. ولك أن تجعل حصيدا مصدراً مبالغة، أو يقدر ذوى حصيد، أو يؤول باسم مفعول. ووجه الشبه بالزرع المحصود القطع المستأصل، وعدم الاجتماع، شبههم بزرع محصود، كل قبضة متروكة فى موضعها. { خَامِدِينَ } ساكنين كسكون النار، فانطفاؤها كناية عن الموت، وهو مفعول ثان بعد مفعول ثان. قيل هما مثل جعلتُه حلوا حامضا، أى جامعين بين الحصيدية والخمود. قيل أو خامدين صفة لحصيدا نظرا لمعنى، أو حال من ضميره. وما قيل من أن حصيدا يستوى فيه المفرد وغيره لأنه فعيل بمعنى مفعول غير صحيح، وإنما ذلك فى فعيل بمعنى فاعل.