الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } * { قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ }

{ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ } عليهم جميعا لأن منهم من عَبَد العجل، ومنهم من لم يقاتلهم على ذلك، ولم يغلظ عليهم إلا الذين ساروا معه. وإنما رجع حد استيفاء الأربعين ذى القعدة وعشرٍ من ذى الحجة ونزول التوراة. وقيل قبل ذلك ثم رجع { أسِفًا } شديدَ حزنٍ بما فعلوا. وقيل شديد غضب لقوله صلى الله عليه وسلم موت الفجأة رحمة للمؤمن، وأخذة أسف للكفر. وعليه الحسن. { قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا } وعدهم أن يعطهم التوراة وهى صلاح لهم ولأعقابهم دنيا وأخرى، ولا وعد أحسن من ذلك. وقيل حسنا معناه صادق. وهذه نعمة يجب أن تشكروه عليها، فكيف عبدتم غيره؟! وقيل المراد الوعد بالثواب فى الآخرة على التمسك بدين. كانت التوراة ألف سورة، كل سورة ألف آية يحمل أسفارها سبعون جملا. { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ } الزمان، وهو زمان مفارقته عليه السلام لهم. وقال مجاهد الموعد { أَمْ أَرَدْتُمْ أَن يَحِلَّ } يجب. وقال الشيخ هود إن بعضا قرأه بضم الحاء أى ينزل، وقال أبو عمرو الدانى الكسر فى هذا مجمع عليه. ووجه الجمع بينهما أن المجمعين على الكسر القراء السبعة أو العشرة لأن كلامهم فى قراءتهم والقارئ يضمها غيرهم. { عَلَيْكُمْ غَضَبٌ } هو ضد الرضى أو المراد به العذاب. وذلك لأن الغضب سبب العذاب، وهو أولى بقراءة الضم من ضد الرضى والسكر جائز { مِنْ رَبِّكُمْ } لعبادة مّا هو فى غاية الغباوة حتى يضرب به المثل فى الغباوة، وعدم قتال العابدين والتغليظ عليهم، أى أم أردتم فعلا يوجب الغضب. والمراد التوبيخ، فإن الإنسان لا يريد غضب الله. ويحتمل أن يكون الخطاب فى ذلك كله لعابدى العجل فقط، وهو أنسب بما بعد، فهو أولى، لئلا يجعل الخطاب فيما ذكر عاما، وفيما بعد خاصا بعابديه ولو كانت القرينة موجودة. { فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِى } مصدر ميمى مضاف للمفعول، أى وعدى، أى وعدكم إياى بالثبات على الإيمان بالله سبحانه، والقيام بما أمرتكم به، أو وعدكم إياى بالمحى بعدى. ويصح أن يكون اسم زمان أو مكان أى تركتم الزمان الذى تواعدنا أن نحضر فيه أو المكان الذى تواعدنا الاجتماع به. وذلك زمان أخذ التوراة والمناجاة ومكانهما. وقيل المعنى فوجدتم الخلف فى وعدى لكم العود، بعد الأربعين، من أخلفت وعده وجدت الخلف فيه، وهو مضاف للفاعل، ولكن التفسير لا يناسب ترتيب قوله { فأخلفتم موعدى } على ما قبله، ولا على الشق الذى يليه وهو { أم أردتم } الخ...، ولا يناسب الجواب بقوله { قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } أى ما أخلفناه بأَن ملكنا أمرنا إذ لو خلينا وأمرنا، ولم يسوّل لنا السامرى لما أخلفناه. وقرأ حمزة والكسائى بضم الميم، وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بكسرها ولكل مصادر ملكت الشئ.

السابقالتالي
2 3