الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ }

{ قَالَ لَهُمْ مُوسَى } قال للسحرة وهم اثنان وسبعون ساحراً، مع كل واحد حبل وعصى. اثنان من القبط، وهما رأسان للسبعين والسبعون من بنى إسرائيل. وقال الكلبى الرأسان مجوسيان من أهل نينوى. وقيل رئيساهم شمعون ويوحنا وهو قول مقاتل. وقال ابن جريج كانوا تسع مائة. وقال السدى هم مائتا ألف - فى رواية عنه -. وقال أبو ثُمامة سبعة عشر ألفاً. وقيل هم أربع مائة. وقيل اثنا عشر ألفا، وهو قول كعب. وقال ابن إسحاق خمسة عشر ألفا. وقال عكرمة سبعون ألفا. وقال محمد بن المنكدر ثمانون ألفا. وقال السدى بضعة وثمانون ألفا. وعنه بضعة وثلاثون ألفا، مع كل واحد حبل وعصى. وروى أنه جمع سبعين ألفا، واختار سبعة آلاف منهم، واختار من السبعة آلاف سبع مائة، واختار منها سبعين فالضمير للسحرة المعلومين من المقام أو المشهورين فى القصة أو للكيد المذكور باعتبار وقوعه على السحرة فقط لا باعتبار وقوعه عليهم وعدّ آلاتهم، فذلك شبيه بالاستخدام. ويجوز أن يراد بالكيد السحرة، فالضمير لهم بلا إشكال. وإنما أعاد ضمير الجمع للكيد فى الوجهين نظراً لما أُريد به. ويجوز أن يراد بالكيد المعنى المصدرى، والضمير للسحرة الذين يدل عليهم الكيد، أَو يقدر مضاف. أى فجمعَ ذوِى كيده وهم السحرة، فالضمير للمضاف المحذوف. ويجوز رجوع الضمير لقوم فرعون، فإنهم ما بين ساحر وراض بالسحر مصدق به مريد غالبيته. { وَيْلَكُمْ } أى هلاككم، أو عذابكم، مفعول مطلق عامله محذوف وجوبا من معناه. ومن أثبت الفعل للويل قدره من لفظه والأصل أهلككم الله هلاكا أو عذبكم تعذيباً على سبيل الدعاء، ولما حذف العامل أضيف المفعول المطلق للمفعول أو مفعول لمحذوف أى ألزمكم الله الويل، وهو العذاب، أو الهلاك، أو واد فى جهنم. { لاَ تَفْتَرُوا } لا تحدثوا { عَلَى اللهِ كَذِبًا } مفعول تفتروا. وإنا يستعمل الافتراء بمعنى مجرد الإحداث لدلالة كذبا على أنه إحداث فى الكذب، وإلا فأصله إحداث الكذب مطلقاً أو العظيم. ويجوز استعماله بمعنى الكذب، فيكون كذباً مفعولا مطلقاً، نهاهم عن ادعائهم أن آيات موسى سحر أو عن أشراكهم بالله غيره أو عن الكل. { فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ } يستأصلكم به قاله الحسن. والمصدر السحت بفتح السين وذلك لغة الحجاز. وقرأ حمزة والكسائى وحفص ويعقوب بضم الياء وكسر الحاء والمصدر إسحات بكسر الهمزة وهو لغة نجد وتميم. { وَقَدْ خَابَ } خسر الدنيا والآخرة. { مَنِ افْتَرَى } كذب على الله، أو ادعى إلها مع الله، أو قال فى الآيات إنها سحر أو ادعى الربوبية. وعلى كل حال فذلك تعويض بفرعون وقومه لأن فيهم تلك الخصال وكان يفترى ويحتال ليبقى الملك عليه ولم ينفعه.