الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }

{ فَلَنَاْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ } وجعل يجمع السحرة وهو يعلم أنه رسوله ولكنه طمع أن يضعف ويخاف، وأن يجد فرصة فى إلقاء شئ يتكلم به الناس من جانبه على موسى. { فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا } مصدر ميمى بمعنى الوعد لقوله { لاَ نُخْلِفُهُ نَحْنُ ولاَ أَنْتَ } فليس باسم زمان أو مكان لأن الإخلاف إنما يناسب معنى المصدر وهو الوعد كل المناسبة، لكنه قد يصح أن يكون اسم زمان أو اسم مكان لجواز أن يقال خلف زمان الوعد أو مكانه بمعنى تخلف عنه وتركه ولا يقال لو جعل اسم زمان أو مكان لبقى قوله { مَكَاناً سُوًى } بلا ناصب لأنا نقول هو غير منصوب بموعد ولو جعل مصدراً ميمياً لأنه قد نعت بجملة لا نخلفه، والمصدر المنعوت لا يعمل، فناصبه فعل محذوف دل عليه موعد أى نعد مكانا سويا ونصبه على المفعولية لا الظرفية لأنهم فى زمان إثبات الموعد ليسوا فى ذلك المكان السوى، ولا أرادوا أنهم يمشون إليه ويعيّنون فيه الموعد إلا على تضمين نعد مكانا سويا نلقى الوعد فيه من موضعنا. وقيل على نزع فى وكما يدل الموعد مصدرا على ذلك المحذوف يدل الموعد مكانا أو زمانا لأن اسمى الزمان والمكان الميميين معناهما المكان والحدث، والزمان والحدث. والحدث هنا هو المصدر. نَعم دلالة المصدر على المحذوف المذكور أولى لأن معناه الحدث فقط فهو بكليته يدل على المحذوف. وظاهر جار الله أن مكانا منصوب بموعد وموعد مصدر، وهذا بناء على جواز عمل المصدر المنعوت. وفيه بحث بسطته فى البحر وابن هشام منع عمل المصدر الموصوف قبل العمل. قال ابن عقيل فى شرح التسهيل ويجوز بعده. ويجوز كون مكانا بدلا من موعدا. أما على جهة الموعد اسم مكان فواضح. وقد مر أن الإخلاف يناسب المكان والزمان مناسبة دون مناسبة المعنى المصدرى، خلافا للقاضى وجار الله فى قولهما إنه لا يناسبهما. وإن جعلنا الموعد مصدر ميمياً قدر مضاف أى مكان وعد، ويطابق هذا جوابه فى قوله { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمَ الزِّينَةِ } فإِن يوم الزينة يدل على مكان مشهور باجتماع الناس فيه فى ذلك اليوم. وإذا جعلنا الموعد الثانى اسم مكان لا يصح الإخبار عنه بيوم فيقدر مضاف أى موعدكم مكان يوم الزينة، ولا تحتاج لتقدير نادى بعد لفظ مكان المقدر كما قدره القاضى. وإن جعلنا الموعد الثانى اسم الزمان فواضح، ولا تقدير لكنه لا يطابق الموعد الأول إلا إن جعل الأول اسم زمان أو جعل اسم مكان وقدر مضافان، أى مكان يوم موعدكم يوم الزينة أو جعل مصدراً وقدرت الإضافة أى وعدكم وعد يوم الزينة. وقرأ الحسن بنصب اليوم على الظرفية مخبرا به عن موعدكم.

السابقالتالي
2