الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }

{ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } نظر عينيك { إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ } استحسانا له، وتمنيا أن يكون ذلك مثله، أو لا تنظرنّ إليه بالعمد مطلقا لأن النظر إليه يورث الاعتباط به. ولذلك كره بعض العلماء النظر إلى الأملاك الحسنة لئلا يشتغل بها القلب فيدعو إلى كسب مثلها. { أَزْوَاجًا } أصنافا من المشركين { مِنْهُمْ } أزواجا مفعول متعنا، ومنهم نعت أزواجا. ويجوز أن يكون أزواجا حالا من هاء به، فإنه متعهم بأصناف من الخيرات ومنهم مغن عن مفعول متعنا، أى متعنا بعضًا ثابتا منهم، أو متعنا بعضهم. { زَهْرَةَ الْحَيَٰوةِ الدُّنْيَا } مفعول لمحذوف دل عليه متعنا، أى أعطيناهم زهرة الحياة الدنيا، أو أعنى الزهرة، أو مفعول ثان لمتعنا، متضمنا معنى أعطينا، أو بدل من محل الجار والمجرور، أو بدل من أزواجا، على تقدير مضاف، أى ذوى زهرة، أو بدون تقديره مبالغة، جعلوا نفس الزهرة مبالغة، أو على أن أزواجا واقع على ما وقع به التمتيع، أو مفعول لأَذُمُّ محذوفا. مسألة - قال ابن هشام { إنما تقضى هذه الحيٰوةَ الدنيا. ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرةَ الحيٰوة الدنيا } علامَ انتصب هذه الحياةَ، وزهرةَ الحياة؟ الجواب أما هذه الحياة فهذه ظرف زمان على معنى فى، والحياة صفة، أو عطف بيان. وأما زهرة الحياة الدنيا فبدل من الهاء فى به، على الموضع، أو مفعول لمضمر دل عليه متعنا لأنه بمنزلة جعلنا، فكأنه قيل جعلنا لهم زهرة الحياة الدنيا، ولا يكون حالا لتعريفه. ومَن قال فى مررت به المسكين إنه حال، جازت الحالية عنده هنا. وزعم بعضهم أن الزهرة هنا فى موضع المصدر، أى زينة الحياة الدنيا، فيكون من باب صنع الله. ولمكٍّى هنا قول غريب زعم أنه أحسن من غيره، وهو أن يكون الأصل زهرة بالتنوين، ولكنه حذف لالتقاء الساكنين، وخفض الحياة على البدل من ما، أى ولا تمدنّ عينيك إلى الحياة الدنيا حول كونها زهرة. انتهى. ولا يكون بدلا من ما لأن لنفتنهم متعلق بمتعنا، فهو داخل فى الصلة، ولا يبدل من الموصول قبل صلته. انتهى كلام ابن هشام فى المسائل السفرية. وقال فى المعنى فى الأمور التى خرجوا فيها إلى الأمر البعيد الثانى عشر قول مكى وغيره فى قوله تعالى { ولا تمدنّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيٰوة الدنيا } إن زهرة حال من الهاء، أو من ما، وإن التنوين حذف للساكنين مثل قوله ولا ذاكراً لله إلا قليلا. وإن جر الحياة الدنيا على أنه بدل من ما، والصواب أن زهرة مفعول بتقدير جعلنا لهم، أو آتيناهم. ودليل ذلك ذكر التمتيع، أو بتقدير أَدُمُّ لأن المقام يقتضيه أو بتقدير أعنى بيانا لما أو للضمير، أو بدل من أزواجا، إما بتقدير ذوى زهرة، أو أنهم جعلوا نفس الزهرة مجازاً للمبالغة.

السابقالتالي
2