الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } * { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }

{ وَكَذَلِكَ } متعلق بأنزلناه أو نعت لمصدر محذوف، أو الكاف اسم مضاف لذلك نعت لمصدر محذوف، وكذا فى مثله مما تقدم أو يأتى، أى إنزالا ثابتا كذلك الإنزال، أو مثل إنزال هذه الآيات المتضمنة للوعيد، أو إنزالا مثل ذلك وقد تبيَّن لك أن المعطوف الجملة بعده فقط، أو مع كذلك، لا كذلك وحده، كما يوهمه كلام القاضى والمعطوف عليه جملة يعمل ولكن مراد القاضى ما ذكرت والله أعلم. { أَنْزَلْنَاهُ } أى القرآن، دل عليه لفظ الإنزال ودل عليه أيضا قوله { قُرْآنًا عَرَبِيًّا } إذ لو كان الضمير لغير القرأن لم يقل قرآنا عربيا لأن غير القرآن لا يصح فيه أن يقال أنزلناه قرآنا. وإن قلت إذا كان الضمير للقرآن فما فائدة قوله قرآنا؟ قلت الفائدة فى وصفه بعربيا، بوصفه به صح كونه حالا مع أنه جامد ويحتمل التأويل بمقروء. وإن قلت فهلا قيل أنزلناه عربيا؟ قلت صرح بقرآن ليدل على مرجع الضمير، فيكون فيه فائدة الإبهام، فالتفسير. وفى التصريح به أيضا بلاغة ليست فى عدم ذكره. والمراد أنزلناه قرآنا بلسان العرب ليفهموه وجعلناه على طريقة ذكر الوعيد وتكريره ليرتدع عن المعاصى كما قال { وَصَرَّفْنَا فِيهِ } كررنا وفصَّلنا من يعمل كذا فله أو عليه كذا. { مِنَ الْوَعِيدِ } شيئا منه. { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الشرك وما يوجب سخطنا. والترجِّى مصروف إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومَن معه فإن فى نزول الآيات ما يطمعون به، فى إيمان المشرك، وارتداع المنافق. { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا } أى يحدث القرآن لهم عظة بمن تقدم بتعظون بها، أو تذكرا واعتبارا، فيثبطهم عن الشرك و المعاصى، فيتدرجون منها إلى الإيمان والتقوى. وأما لعلهم يتقون فالمراد رسوخ التقوى حتى تكون مَلَكة ولذلك لم يكتف بأحد الكلامين عن الآخر. وقالت فرقة معنى إحداث الذكر إحداث الشرف والثناء عليهم بالإيمان به، والذكر يمنع عن المعاصى فتكون التقوى مَلَكة. ولما ذكرت أسند التقوى إليهم والإحداث للقرآن. والذكر يطلق أيضا على الطاعة والعبادة. وقرئ تحدث بالتاء خطايا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وقرئ بالنون. وقرئ بالياء وإسكان التاء تخفيفا كما قرئ وما يشعركم بإسكان الراء. { فَتَعَالَى اللهُ } عظم شأنه ذاتا وصفة وفعلا وقولا عما يقول المشركون من التشبيه أو الإنكار ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ فى ملكه. { الْمَلِكُ } النافذ أمره ونهيه الحقيق بأن يُرجى وعده ويُخشى وعيده. { الْحَقُّ } فى ملكوته مستحق الملك لذاته، أو الحق الثابت فى ذاته وصفاته. قيل وصف نفسه بالملك الحق لأن ملكه لا يزول ولا يتغير وليس بمستفاد من قِبَل الغير، ولا غيره أهل له أو أولى به منه. وفى الآية تعظيم الحق من هو كذلك.

السابقالتالي
2