الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

{ قُلْ } لهم يا محمد. { إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ } وهى الجنة. { عِنْدَ اللهِ } أى فى قضاء الله وحكمه أو التى هى غائبة عنا موجودة عند الله، أو ستوجد. { خَالِصَةً } لم يشارككم أحد فيها، ولكم خبر كان، وخالصة حال من الضمير المستتر فى لكم أو من الدار، أو خبر كان، ولكم متعلق بكان أو بخالصة، وعند متعلق بأحدهما أو بلكم إن جعل لكم خبراً وصح التعليق لنيابته عن فعل الاستقرار. { مِنْ دُونِ النَّاسِ } المراد بالناس جميع الناس الذين فى زمان اليهودية إلى قيام الساعة، قال لاستغراق مخصوص، ويدل على هذا العموم قولهملن يدخل الجنة إلا من كان هوداً } أى لن يدخلها بعد زمان اليهودية إلا من كان هوداً، كما قالت النصارى لن يدخلها بعد زمان النصرانية إلا من كان نصارى، ويحتمل أن يراد النبى ومن تبعه من المسلمين، أى من دون محمد ومن تبعه، فأل للعهد الذى فى أزمانهم. { فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فى قولكم إن الدار الآخرة لكم خاصة، لأن أصحاب الجنة لا يدخلونها إلا بعد أن يموتوا، ومن أيقن أنه من أهل الجنة أحب وصولها بالموت للتلذيذ العظيم، وليستريح من أكدار الدنيا، كما قال عمار بن ياسر ـ رحمه الله ـ متمنياً حين احتضر فى قتال صفين فى جانب المسلمين الذين يقاتلون عليا الآن ألقى الأحبة محمداً وحزبه. وقال حذيفة بن اليمانى ـ رحمه الله ـ حين احتضر مرحباً بزائر على فاقة، لا فرج من ندم. وفى رواية جاء حبيب على فاقة لا أفلح من ندم. وأراد بالزائر والحبيب الموت أو ملك الموت ولقاء الله، وأراد بالفاقة الاحتياج إلى الموت، وملكه ولقاء الله، ومعنى لا فرج أو لا أفلح من ندم، الدعاء فى الشر على من جاءه الموت فندم لظهور غضب الله عليه وعذابه له، وقال غيره كالقاضى والزمخشرى لا أفلح من ندم على تمنى الموت، حين جاءه، فإذا تمنى الموت من يرجوها أو يتيقنها فكيف لا يتمناها من علم أنها له ولقومه خاصة، كما يزعم اليهود ـ قبحهم الله ـ أنها لهم خاصة، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وروى أن علياً كان يطوف بين الصفين فى غلالته، فقال له ابنه الحسن ما هذا بزى المحاربين. فقال با بنى لا يبالى أبوك، على الموت سقط أم عليه سقط الموت، وأراد بالوجهين الموت، شبه الأمر بمن وقع على حديد قاطع، أو وقع عليه حديد قاطع، وإنما قال هذا اختباراً بأنه لا يجبن عن الموت كما يفتخر سائر الشجعان بذلك، لا ليقينه أنه من أهل الجنة لعدم صحة تبشيره، ولو أثبته المخالفون، بل قتل بأمره من لا يرى قاتلهم الجنة، وقال ليتنى أدخلها ولو حبواً، وهناك رواية ضعيفة أنه تاب. وجواب أن الثانية محذوف دل عليه جواب الأولى، فجواب الأولى من معنى تمنى الموت، وجواب الثانية كذلك، مع زيادة كون الأولى قيداً فيها، ثم أخبر الله جل وعلا أنهم غير صادقين فقال