الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

{ وَإِذ أخَذْنا ميثاقَكُم }.. إلخ إنما ذكر مع أنه قد تقدم من مثله إذاً عليهم، أى واذكروا إذ أخذنا ميثاقكم على العمل بالتوراة، ورفعنا عليكم الطور فعصيتم فعصيناكم، ومخالفتكم للتوراة كفر بها فلم يصح إيمانكم، فإنما كرر ذكر أخذ الميثاق ورفع الطور ليرد عليهم بالنقض على ادعائهم الإيمان بالتوراة لا للتأكيد، نعم يصح أن يقال كرر ذلك الرد وللتأكيد معاً. وليزيد عليه، قالوا سمعنا وعصينا وفى قولهولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم } إلى قوله { وعصينا } إشارة إلى أن حالهم مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كحالهم مع موسى ـ عليه السلام ـ وهى المخالفة. { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ } الجبل تخويفاً لكم حين أبيتم من قبولها، الواو عاطفاً لاحقاً على سابق، إذا قلنا أخذ الميثاق إنزال التوراة وخطابهم بما فيها، أو قلنا إنه قبولهم لها، وقولهم ائتنا بالكتاب الذى وعدتنا نعمل به، وسابقاً على لاحق إذا قلنا أخذ الميثاق هو إذعانهم إليها بعد رفع الطور، أو الواو للحال المحكية إذا قلنا هذا، أو للحال المقدرة إذا قلنا أخذ الميثاق هو ما تقدم قبل هذا، وكذا الكلام فيما سبق، وإذا قلنا بالحالية فقيل تقدر قد وقيل لا. قال ابن هشام زعم البصريون أن الفعل الماضى الواقع حالا لابد معه من قد ظاهره نحووما لكم ألا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم } ، أو مضمرة نحوأنؤمن لك واتبعك الأرذلون } ، أوجاءوكم حصرت صدورهم } وخالفهم الكوفيون واشترطوا ذلك فى الماضى الواقع خبراً لكان كقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لبعض أصحابه " أليس قد صليت معنا " وقول الشاعر
كنا حسبنا كل بيضاء شحمة   
وخالفهم البصريون، وأجاز بعضهم أن زيداً لقام على إضمار قد.. انتهى. { خُذُوا } أى قائلين حذف، أو فقلنا خذوا كما مر، وقدر بعضهم وقلنا بالواو والوجه الأول أولى، ويليه تقدير قلنا بلا واو ولا فاء على الاستئناف النحوى والبيانى، كأنه قيل مما إذا كان بعد رفع الطور، فقال قلنا خذوا. { مَا آتَيْنَاكُم } من التوراة أو الشرع أو ما أمرناكم به. { بقوَّة } بعزم وجد ونشاط. { وَاسْمَعُوا } أى اسمعوه سماع طاعة، وقبول بحيث تعملون به، ولكون السماع الذى أمروا به سماع طاعة وقبول طابق قوله جوابهم المذكور فى قوله عز وعلا { قَالُوا سَمِعْنا } أى سمعناه أو سمعنا قولك يا ربنا أو يا موسى، فإن ذلك على يده بآذاننا فقط لا سماع طاعة وقبول. { وَعصَيْنا } أمرك فلا نعمل بما أمرتنا به، وذلك صريح بألسنتهم، وقيل لم يقولوه بألسنتهم، ولكن بلسان حالهم فإنهم لما سمعوه بآذانهم ولم يعملوا به صاروا كأنهم نطقوا بذلك. { وَأُشْرِبُوا } أى أشربهم الله بمعنى الخذلان لا الخير أو الشيطان بمعنى الوسوسة والإغراء أى صيرهم شاربين.

السابقالتالي
2 3