الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ }

{ وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بالبيِّنات } الآيات الواضحات وهى التوراة، فيكون هذا ترشيحاً وتقوية فى الرد عليهم فى ادعائهم الإيمان بالتوراة، كأنه قيل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين بالتوراة، ولقد جاءكم موسى بها ثم رد عليهم رداً آخر بقوله { ثُم اتَّخذتُم العِجْلَ } والمفعول الثانى محذوف أى ثم اتخذتم العجل إلهاً. { مِنْ بَعْدِهِ } أى من بعد موسى فيقدر مضاف أى من بعد ذهابه إلى الطور، أو من بعد مجيئه بالتوراة، وليس فيها جواز اتخاذ العجل إلهاً، وفيها تحريم الشرك، فاتخاذه كفر بها، فلم يصح إيمانكم بها، وتعود الهاء إلى المحى المفهوم من جاءكم، ويجوز كون قوله { ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده } رداً مستأنفاً كقولك لو كنت كريماً لم يبت عيالك جياعاً، لو كنت كريماً لم تحرم ضيفك، وجوز أن يراد بالبينات المعجزات كالعصى فى حالها مع السحرة وغيرهم، واليد البيضاء، وفرق البحر، وتفجير الحجر ماءاً وغير ذلك كالآيات التسع فى قولهولقد آتينا موسى تسع آيات بينات } وغيرهن وهذا أيضاً رد عليهم لو صح إيمانكم بالتوراة لما كفرتم بعد هذه المعجزات، أو المراد بالآيات المعجزات والتوراة معاً. { وَأنتُم ظالمُون } ناقصون أنفسكم حظوظها فى الدنيا والآخرة باتخاذ العجل إلهاً أو جائرون بوضع العبادة فى غير موضعها، إذ عبدتم العجل أو أوقعتم أنفسكم فى المضرة، أو ظالمون بالإخلال بآيات لم تعملوا بها، والجملة حال من التاء فى اتخذتم، أو مستأنفة على معنى أنتم قوم عادتكم الظلم، فتكون معترضة بين شيئين وقع الرد عليهم بهما فى ادعائهم الإيمان بالتوراة لأن قوله { وإذ أخَذْنا ميثاقَكُم.. }