الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

{ وإذا قيلَ لَهم } لليهود. { آمِنُوا بِما أنْزَلَ اللهُ } وهو القرآن لأن ما تقدم مسوق لتكذيبهم بالنبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتكذيب به تكذيب بالقرآن، وكذبوا بالقرآن خصوصاً أيضاً، ويجوز أن يراد بما أنزل الله القرآن والإنجيل معاً، لأنهم ـ قبحهم الله ـ كذبوا أيضاً بعيسى والإنجيل، ويناسب هذا أيضاً قولهفبآءوا بغضب على غضب } ، إذا فسر بتعديد مساوئهم، ويجوز أن يراد بذلك القرآن والإنجيل، وجميع ما أنزل الله ويناسبه أيضاً قولهفبآءوا بغضب على غضب } إذا فسر بالتعديد المذكور أيضاً، وإن قلت ما وجه أمرهم بما أنزل الله على العموم مع أنهم لم يكفروا به عموماً؟ قلت وجهه إلزام أن يؤمنوا بما أنزل الله كله كأنه قيل آمنوا بما أنزل الله كله لا ببعضه وحده، وفيه فائدة أخرى هى أن كفرهم بالإنجيل والقرآن كفر بجميع ما أنزل الله، فكأنه قيل قد كفرتم بجميع ما أنزل الله فآمنوا بجميعه، ثم رأيت بعد ذلك ثلاثة أقوال مجردة عن التعليل فى تفسير ما أنزل الله، فقيل القرآن، وقيل الإنجيل، وقيل جميع ما أنزل الله والحمد لله إذ وافقن الاحتمالات التى ذكرت. { قَالوا نُؤْمِنُ بما أُنْزِل عَلَيْنَا } وهو التوراة فيحتمل وجهين أحدهما تقدير المضاف أى بما أنزل على نبينا لا بما لم ينزل أصلا، وهو القرآن فى زعمهم أصلا فضلا عن أن يكون على نبى، والآخر أن يريدوا نؤمن بما أنزل فى شأننا خطاباً وتكليفاً لنا، وأما القرآن فلم ينزل فضلا عن أن نكلف به هذا فى زعمهم ـ لعنهم الله ـ ثم ظهر لى وجه آخر هو أن هذه مقالة من زعم منهم أنه مرسل إلى العرب خاصة، أى نؤمن بما أنزل علينا، وأما ما يقول محمد فعلى العرب. { وَيَكْفُرُونَ بما وَرَاءه } هذا من كلام الله سبحانهُ وتعالى لا من كلامهم والجملة مستأنفة أو حال من واو قالوا على تقدير قد التحقيقية، أى وقد يكفرون أو المبتدأ أى وهم يكفرون، وقيل بجواز وقوع الجملة المضارعية المثبتة المجردة من قد حالا. قال الفراء بما وراءه بما سواه، وقال قتادة بما بعده وما واقعه على ما من قوله آمنوا بما أنزل الله وهو القرآن، أو هو والإنجيل، والهاء عائدة إلى التوراة أو جميع ما أنزل، ووراء فى الأصل مصدر من ورى بمعنى الستر والخفاء، وهو كالمواراة استعمل ظرف مكان ويضاف إلى المفعول، ويراد به ما يوارى ذلك المفعول، والمفعول قدامه كما هنا إذا جعلنا التوراة مفعولة للمواراة، ومرجع الهاء وهو التوراة وهو الذى يقال فيه لأنه بعد، واعتبرنا أن ما قبل الشئ المستقبل هو الذى يقال إنه قدام، ويضاف إلى فاعل المواراة فيراد به ما يتوارى به الفاعل والفاعل خلفه { وَهُوَ } أى ما وراءه وهو القرآن أو هو والإنجيل أو جميع ما أنزل.

السابقالتالي
2