الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَائيلَ } حين رفع فوقهم الطور ليقبلوا التوراة ويعملوا بما فيها، فقبلوا على أن يعملوا فهذا ميثاقهم، أو حين طلبوا موسى أن يأتيهم بالكتاب الذى وعدهم ليعملوا به، وهو التوراة أو الميثاق هو إلزامه إياهم التكاليف التى فى التوراة سماه ميثاقاً لأنه عاهد إليهم أن يعملوا بها. { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاّ الله } جواب للقسم، لأن أخذ الميثاق تحليف، لأن المعنى وإذا حلفناهم لا تعبدون إلا الله، كقولك حلفت عمراً ألا يقوم، وذلك قول سيبويه بالقسم أخذ الميثاق، ويجوز كون ذلك جواباً للميثاق أى أخذنا حلفهم لا يعبدون إلا الله كقولك أعجبنى حلف زيد ليقومن، وإن قلت فهل حلفهم أو حلفوا؟ قلت اللازم الشئ بشدة تحليف والتزامه بها حلف، ولا نافية، ويجوز كون لا تعبدون إلا الله مقولا لحال محذوفة، أى وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل قائلين لا تعبدون إلا الله، أو مقولا لمعطوف حذف مع العاطف أى وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل، وقلنا لا تعبدون إلا الله، وجاز حذف العاطف معه، كما جاز حذف القول مع فاء الجزاء، وعلى كون لا تعبدون إلا الله ومقولا لقول محذوف على الوجهين تكون لا نافية لفظاً ناهية معنى، ونكتة الإتيان بما لقطه خبر ومعناه نهى التلويح إلى أن هذا الميثاق مما يهتم بالوفاء به، لو لمسارعة فى أدائه فأتى بصيغة الخبر كأن عبادة غير الله المنهى عنها منتفية، فهو يخبر بأنها لا تقع، وهذا كما تعبر عن طلب ما ترغب فيه بصيغة وقوعه، تقول رحم الله الشيخ يوسف بن إبراهيم والشيخ عامر ومشايخ الديوان وأصحابنا، نزيد اللهم ارحمهم، ويدل على كون المعنى نهياً قراءة ابن مسعود وأبى بن كعب، لا تعبدوا بحذف النون، ويدل عليه أيضاً عطف الأمر عليه، وهو قوله عز وعلا { وقولوا للناس حسناً } ويجوز أن تكون لا نافية لفظاً ومعنى والناصب مقدر لما حذف ارتفع الفعل، كقول طرفة بن العبد
ألا أيهذا الزجرى أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلد   
أى ألا أيها الذى يزجرنى عن أن أحضر أنا الحرب فحذف عن وأن ارتفع أحضر، ويدل لذلك لفظ الزجر وقوله أن أشهد، فالتقدير { وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل على أن تعبدوا } فحذف الجار وأن وهو متعلق بأخذنا أو ميثاق، أو يجوز تقدير أن بدون على فيكون مصدر تعبد بدلا مطابقاً أو بياناً من ميثاق ويدل على انتصاب الفعل بمحذوف قراءة عبدالله بن مسعود ألا تعبدوا بذكر أن، ولو أدغم نونها فى اللام وبنى اسم ظاهر، والاسم الظاهر من قبيل الغيبة وتعبدون خطاب جئ به كما نزل فى التوراة، وخوطبوا فيها فذلك على طريق الالتفات من الغيبة للخطاب، وذلك قراءة نافع وابن عامر وأبى عمرو وعاصم ويعقوب، وقرأ غيرهم لا يعبدون بالمثناة التحتية.

السابقالتالي
2 3 4 5