الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ }

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمْنَا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر } ذكر الله سبحانه وتعالى أولا من آمن بظاهره وباطنه، وذكر ثانياً من كفر بظاهره وباطنه، وذكر ثالثاً فى هذه الآية من آمن بظاهره وكفر بباطنه، وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى، لأنهم كفروا بما كفر به من كفر بظاهره وباطنه من إنكار القرآن والرسالة، وإثبات الشريك والصاحبة والولد، وزادوا بسيمة الكذب والاستهزاء والخداع، وإفشاء سر المؤمنين، وعظم ضررهم فى الدين، لأنهم عدو مخالط متلبس بالصديق لا متميز معروف يحذر منه، ولذلك أطال وصفهم وذمهم، وضرب لهم الأمثال، وقالإن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار } ذكروا أن الحجاج الظالم قال لجابر بن زيد رحمه الله يا أبا الشعثاء أخبرنى فيمن نزلت الآية الأولى من البقرة؟ قال فى المؤمنين. قال والثانية قال فى المشركين. قال والثالثة؟ قال فيك وفى أصحابك، يعنى المنافقين، وأشار رحمه الله إلى أن فساق الموحدين يسمون منافقين كما يسمى هؤلاء المشركون الذين آمنوا بألسنتهم فقط منافقين، وأنهم مثلهم فى المعنى ودخول النار. ومن للتبعيض، وأل فى الناس للعهد الذكرى، وهم الذين كفروا المذكورون فى قوله عز وجلإن الذين كفروا } أى ومن الذين كفروا من لا يكفر إلا بباطنه، وأما لسانه فيقول به آمنا بالله واليوم الآخر، ويجوز أن تكون أل للحقيقة، وأصل ناس أناس، حذفت الهمزة وهى فاء الكلمة، فوزن ناس عال، ووزن أناس فعال بضم أوله، ولما حذفت عوض عنها أل ولا مانع من كونها للتعويض والتعريف جميعاً، وقد تحذف أل بعد ما عوضت عن الهمزة، أو يقال تعويضها غالب لا لازم، ويدل على تعويضها أنه لا يقال الإناس بالجمع بين أل والهمزة إلا شاذ كقوله
إن المنايا يطلعن على الإناس الآمنينا فتذرهم شتى وقد كانوا جميعاً وافرينا   
وهما بيتان من مجزوء الوافر، وأناس اسم جمع كرخال بضم الراء وكسرها والواحد إنسان وإنسانة، والرخيل الأنثى من ولد الضأن، وقيل هو جمع إنسان أو إنسانة، وكل ذلك من الأنس ضد الوحشة، لأن الناس يأنسون ويؤنسون، أو من أنس بمعنى ظهر، لأن الناس ظاهرون مبصرون، كما سموا بشراً لظهروهم ضد تسمية الجن جناً لاجتنانهم، أى استتارهم أو سموا بشراً لظهور بشرتهم، أى جلدتهم، بخلاف سائر الحيوان فإن جلدتها مغطاة بصوف أو شعر أو وبر أو ريش، وقيل الناس بوزن فلع بفتح الفاء واللام وتأخير العين مأخوذ من النسيان، لأنهم عهد إليهم فنسوا ولأنهم خلقوا على أن ينسوا، وعلى هذا فلا حذف، وأصله نسى بفتح النون والسين المنونة كفتى قدمت الألف على السين، وأصل تلك الألف ياء متحركة فى الأصل، وبعد التقديم قلبت ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ولكن حركتها فى الأصل بحسب الإعراب، وبعد التقديم فتحه، وقيل الناس بوزن فعل بفتح الفاء والعين وتأخير اللام، وأصله نوس بفتح النون والواو، وتحركت الواو وانتفح ما قبلها فقلبت ألفاً وهو من ناس ينوس إذا تحرك، ومن نكرة موصوفة إذ لا عهد تكون به اسماً موصولا كأنه قيل، ومن الناس ناس قائلون آمنا بالله وباليوم الآخر، لأنا لو جعلنا أل فى الناس للعهد فى قوله عز وجل

السابقالتالي
2 3 4