الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } لأنه معطوف على ادارأتم فيها، وقولهوالله مخرج ما كنتم تكتمون } معترض أو حال مقدرة، أى ادارأتم فيها، والله مقدر لإخراجها بعد، ولا يتركها خفية القاتل، والهاء فى اضربوه عائدة إلى النفس فى قولهوإذ قتلتم نفسا } والنفس مؤنث كما أنث فى قوله وإنما ذكر هنا للتأويل بالشخص أو بالمقتول أو الإنسان أو للنظر إلى المعنى، لأن المقتول رجل، وقيل النفس يذكر ويؤنث، والمراد بالبعض جزءُ غير معين، فبأى جزء ضربوه امتثلوا الأمر واختلفوا فى أى جزء ضربوه به، وقيل أمروا بجزء معين، وعلى هذا القول فلم يعين فى الآية مثل أن يقال فقلنا اضربوه بلسانها أو بكذا، لأن الكلام ليس مسوقاً فى طريق بيانه، بل فى طريق تهوين الأمر فى قدرته، بأن قال إن ضربه بجزء من البقرة مذبوحة كاف، وعدم التعيين لهم أدخل فى الإعجاز والجزء الذى ضربوه به، سواء عين لهم أو لم يعين هو لسانها، لأنه آلة الكلام والضرب، إنما ليتكلم الميت باسم قاتله وهو قول الضحاك، قال الحسن بن الفضل هذا أولى الأقوال، لأن المراد من إحياء القتيل كلامه، قلت بل كلما بعد الجزء عن مناسبة الحياة كان أدخل فى الإعجاز، لأنه ولو كان المراد إظهار القاتل لكن قصد به الإعجاز أيضاً، ولا سيما قد استدل باحيائه على البعث فى الآية بعده، وقيل بلسانها وقلبها، لأن الكلام يكون فى القلب واللسان يعبر عنه، وقال عطاء بن أبى رباح هو العصعص، قيل وهو أولى التأويلات بالصواب، لأن العصعص هو الأساس الذى ركب عليه الخلق، وأنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى، وقال مجاهد ذنبها. وقال عكرمة والكلبى فخذها الأيمن. وقال السدى البضعة التى بين كتفيها، وقيل الأذن، وقال ابن عباس بالعظم الذى يلى الغضروف وهو أصل الأذن وهو مقتل. والصحيح أنهُ غير معين إذ لا دليل على تعينه فى الآية والحديث، وفى الكلام حذف، والتقدير فقلنا اضربوه ببعضها ليحيا ويخبركم بقاتله فضربوه به فقام حيا بإذن الله تعالى، وأوداجه تشخب دماً، وقال قتلنى فلان ثم سقط ميتاً، فجرم الميراث وقتل به وقيل قال قتلنى فلان وفلان لابنى عمه، فسقط ميتاً ثم قتلا وحرما الميراث كذا قيل، ومقتضى شخب أوداجه دماً أنه قتل بالذبح والمتبادر من الآية أنهم ضربوه فى جسده، وعن ابن عباس ضربوه قبره وذكر عنه أن أمر القتيل وقع قبل جواز البحر، وأنهم قاموا فى طلب البقرة أربعين سنة، روى أنه كان فى بنى إسرائيل شيخ موسر فقتله بنو أخيه ليرثوه وطرحوه على باب المدينة، ثم جاءوا يطالبون بدمه، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها فيحيا فيخبر بقاتله، وكان الشيخ صالح منهم عجلة، فأتى بها موضعاً يجتمع فيه الماء وينبت فيه الشجر، وقال اللهم إنى أستودعتكها لابنى حتى يكبر، فشبت وكانت وحيدة بالصفات التى ذكر الله عز وجل فساوموها اليتيم وأمه، حتى اشتروها بملء جلدها ذهباً، وكانت البقرة بثلاثة دنانير فى ذلك الوقت، ولما تبين قاتلهُ حرم الميراث كما قال صلى الله عليهِ وسلم

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد