الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ إِنَّ الَّذِينَ آمنُوا } أى قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، محمد صلى الله عليه وسلم بعد بعثته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا على عمومه من غير اعتبار موافقة القلب، ولا عدمها ولا الوفاء بالعمل الصالح ولا عدمه، وإنما اشترط موافقة القلب والعمل الصالح بعد ذلك بقوله { من آمن.. } إلخ. { وَالَّذِينَ هَادُوا } قبل بعثته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعدها، وهذا على عمومه من غير اعتبار الإيمان به صلى الله عليه وسلم وبعيسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام، ولا عدم الإيمان ولا العمل الصالح ولا عدمه، وكذا فى الصابئين والنصارى، وإنما اشترط الإيمان بهم جميعاً والعمل الصالح بعد ذلك بقوله من آمن.. إلخ. { والذين هادوا } هم اليهود، ومعنى هادوا كانوا على دين اليهود، وزعم قوم أن الحكم فى هذه الآية نفى الخوف والحزن عمن آمن من اليهود والنصارى والصابئين منسوخ بقوله تعالىومن يبتغ غير الإسلام ديناً } على أن المراد بهم من يتبع أحكام التوراة والإنجيل المخالفة للقرآن، ويجوز أن يكون النسخ لكل مخالف بما خالفه من القرآن على حدة، ولفظ اليهود إما عربى من هَاد يهود إذا تاب سموا بذلك لما تابوا من عبادة العجل، أو لقولهم حينئذ { إنا هدنا إليك } أى تبنا إليك، وقيل إنما قال { إنما هدنا إليك } أى تبنا، وقيل إنما قال { إنا هدنا إليك } موسى، فسموا بذلك لقوله، قال ابن مسعود رضى الله عنهُ سموا بذلك لقول موسى { إنا هدنا إليك } وقيل سموا بذلك لأنهم مالوا عن دين موسى بعده، وفى زمانه إذ بدلوا وغيروا، وقيل لأنهم مالوا عن دينه ودين سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويرد هذا القول أن تسميتهم باليهود سابقة قبل زمان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما يحتمل تفسيراً لقوله هادوا أى والذين مالوا عنهما على غير ما ذكرت من المراد بالذين هادوا العموم، وإما غير عربى بل معرب يهوذا بإسقاط ألفه وإهمال ذاله وتسميتهم به، وهو أكبر أولاد يعقوب عليه السلام كما تسمى القبائل باسم أبيها كمضر وكنانة وتميم. { وَالنَّصَارَى } جمع نصران مثل قولهم فى جمع ندمان ندامى والياء فى نصرانى للمبالغة المزيدة على المبالغة فى نصران، فإن فى نصران مبالغة زيدت عليه ياء النسب لزيادة المبالغة، كما زيدت فى أحمر لنضيل اسم المبالغة فقيل أحمرى، وكما زيدت بزيادة المبالغة فى قوله
والدهر بالإنسان دوارى   
وسموا نصارى لأنهم نصروا المسيح عليه السلام، أو لقول الحواريين منهم نحن أنصار الله أو لكونهم معه فى قرية يقال لها نصران، فسمى كل واحد باسمها وهو نصران، وما الياء فى نصرانى إلا مزيدة على نصران، وجمع بعد التسمية على نصارى، أو يقال لتلك القرية ناصرة فأخذ لهم اسم من مادة هذا الاسم، ولو اختلف الوزن، وفى الصحاح نصران قرية بالشام وينسب إليها النصارى.

السابقالتالي
2 3 4