الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }

{ وإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسَى } خطاباً للسبعين الذين اختارهم موسى للميقات، هذا فى الحقيقة وإلا فالخطاب لبنى إسرائيل لكون السبعين من أسلافهم، قال الكلبى والجمهور اختارهم موسى ليستغفروا لمن عبد العجل بعد التوبة، أو ليدعوا الله ليبين لهم كيف تكون توبتهم وكيف يكون الحكم فيهم، قال النقاش وغيره إنه اختارهم حين خرج من البحر وطلبوه بما وعدهم من الكتاب. { لَن نُّؤمِنَ لَكَ } أى لن نخضع لك بالإيمان، أو لن ننقاد لقولك أو لن نقر لك أو لن نؤمن لأجل قولك. { حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً } أى عياناً وزادوا لفظ جهرة لئلا يتوهم متوهم أن المراد بالرؤية العلم، وأصلها إظهار الكلام، تقول جهرت بالقراءة جهراً. وجهرة ضد الإسرار، استعير لمعاينة الشئ استعارة تحقيقية أصلية بجامع الظهور، وفائدتها كمال الرؤية، وهى مفعول مطلق لأنها نوع من الرؤية، كأنه قيل حتى نرى الله رؤية كاملة، أو مفعول مطلق لحال محذوفة أى حتى نرى الله جاهراً لنا جهرة أى ظاهرا لنا ظهوراً، وقدر بعض مجهوراً بالرؤية، قيل أو جاهرين جهرة، أو حال من لفظ الجلالة، أى ذا جهرة أو بمعنى جاهراً، قيل أو من الضمير فى يرى أى جاهرين الله جهرة أو ذوى جهرة، وقرئ جهر بفتح الهاء تبعاً للجيم أو مصدراً كالقبلة بفتح اللام، ويضعف كونه جمع جاهر ككامل وكملة، وإنما ضعفت الحالية من ضمير نرى، لأن المراد طلب ظهوره تعالى لهم لا طلب ظهورهم، وما هى إلا على التأويل بمعاينين، والقائلون { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } هم السبعون الذين اختارهم موسى للميقات، وقيل عشرة آلاف من قومه، وروى أن طائفة ممن لم يعبدوا العجل قالوا نحن لم نكفر كما كفر هؤلاء، ونحن أصحابك فأسمعنا كلام ربك، فأوحى الله إليه أن اختر منهم سبعين، فلم يجد إلا ستين، فأوحى الله إليه أن اختر من الشباب عشرة، ففعل فأصبحوا شيوخاً، وكان قد اختار شابين من كل سبط ليختار عشرة فزاد اثنان فتشاحنوا فيمن يتأخر، فاوحى الله إليه أن من تأخر له أجر من مضى، فتأخر يوشع ابن نون وطالوت بن يوقنا، وذهب موسى بالسبعين بعد أمرهم أن يجتنبوا النساء ثلاثاً، ويغتسلوا فى اليوم الثالث، واستخلف هارون على قومه، ومضى حتى أتى الجبل فألقى عليهم الغمام. قال النقاش غشيتهم سحابة وحيل بينهم وبين موسى بالنور، فوقعوا سجداً، قال السدى وسمعوا الكلام الذى خلق الله لموسى يأمر وينهى فلم يطيقوا سماعه، واختلطت أذهانهم ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعبر ففعل، فلما فرغوا وخرجوا بدلت منهم طائفة ما سمعوا من كلام الله فذلك قوله تعالىوقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه }

السابقالتالي
2 3