الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ }

{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } وعدناه ووعدنا، ولذلك قال واعدنا بالألف، وذلك أن الله وعده الوحى والتوراة والمناجاة، وموسى وعد الله المجئ للميقات إلى الطور، وقرأ أبو عمرو وعدنا بدون ألف، وقرأ باقى السبعة وخلف بالألف، وكذلك فى قوله { واعدناكم } وقد مر، وقيل لم يعيدوا إليها. وعلا كل حال فى تفسير له لم يكمل لم يصرح أحد من المؤرخين إياها ولم يردهم إليها، وجعل مساكنهم الشام وذلك وعده الله أن يعطيه التوراه، وجعل له أجلا هو أربعون يوماً ذو القعدة من العام الآخر، وعشرة أيام من ذى الحجة، وعبر بالليالى عن الأيام، لأن الليلة هى أول الشهر العربى، وهو بحساب سير القمر، ولأن الظلمة أسبق من الضوء، ولأن الليل سابق للنهار، وأربعين ظرف على حذف مضاف، أى تمام أربعين، أى ضمنا له أن نوقع الموعود فى تمامها. ويأتى كلام فى الأعراف ـ إن شاء الله ـ فبتضمين المواعدة معنى الإيقاع صح كون أربعين ظرفاً لواعدنا، وإلا فالمواعدة وقعت قبل الأربعين لا فى الأربعين، فلا يصح التعليق به إلا بذلك التضمين، وليس مفعولا به لواعدنا، لأن الموعود به ليس نفس الأربعين، بل مفعول محذوف أى واعدنا موسى الوحى والتوراة والمناجاة، والمجئ للميقات وبعض ذلك من موسى وأقرب من ذلك جعله ظرفاً لمفعول محذوف، أى واعدناه الملاقاة تمام الأربعين، أو واعدناه الوحى، وإنزال التوراة تمام الأربعين، وفى ذكر الليلة إلى أنه وصل الليل بالنهار فى الصوم، روى أنهُ صام أربعين يوماً بلياليها. { ثُمّ اتَّخَذْتُمُ } افتعلتم من الأخذ أصله اتخذتم بهمزة وصل مكسورة، فهمزة قطع ساكنة هى فاء الكلمة بعدها تاء الافتعال، أبدلت الهمزة الثانية تاء وأدغمت فى تاء الافتعال والإبدال القياسى أن تبدل الهمزة واواً، ثم الواو تاء فيكون الإدغام، وقيل أصله أو اتخذ أبدلت الواو تاء وأدغمت وذلك على لغة من يقول وخذ، استغنى بها فى الافتعال من يقول أخذ، وقال الفارسى التاء الأولى أصل على لغة من يقول اتخذ قرأ { التخذت عليه أجراً } بالتخفيف استغنى بهذه اللغة فى الافتعال من يقول أخذ، ومفعول الثانى محذوف تقديره ثم اتخذتم. { الْعِجْلَ } إلهاً وهو ذكر البقر الصغير. { مِنْ بَعْدِهِ } أى من بعد موسى، وهو على حذف مضاف، أى بعد مضيه إلى الطور، ويجوز عود الضمير إلى مضيه ولو لم يتقدم له ذكر، لأن ذكر المواعدة تقتضيه ولا يصح تقدير المضاف مواعدة، أى من بعد مواعدته، ولا عود الضمير للوعد لأنه لا يزول بذلك تعارض بين مدلول ثم من التراخى عند المواعدة، ومدلول الابتداء به وهو وقوع البعدية عقب المواعدة، إذ المهملة واقعة بين المواعدة والاتخاذ، وبيان الغاية واقع عقب المضى إلى الطور فلم يتواردا على محل واحد.

السابقالتالي
2 3 4