الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

{ وإِذ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آل فِرْعَوْنَ } معطوف على { نعمتى } أو على { أنى فضلتكم } المعطوف على نعمتى فهو أيضاً فى المعنى على هذا الوجه معطوف على نعمتى، والعطف عطف خاص على عام، أى اذكروا نعمتى وتفضيلى إياكم، ووقت تنجيتنا إياكم من آل فرعون. ويقدر مضاف أى من أيديهم أو من تملكهم أو من استخدامهم أو من عذابهم، وهو الذى يدل عليه ما بعده، وقرئ { أنجيناكم } ، وقرئ { أنجيتكم } ، وقرئ { نجيتكم } ، وأصل آل أهل عند سيبويه بدليل تصغيره على أهيل قلبت الهاء همزة فاجتمعت همزتان أولاهما مفتوحة وأخراهما ساكنة فقلبت الأخرى ألفاً، وإنما قلبت الهاء همزة مع أن الهمزة أثقل من الهاء، لأنها إذا قلبت همزة قلبت الهمزة ألفاً والألف أخف من الهاء، فلا يعترض بأن يقال كيف يبدل الخفيف بالثقيل، ولا بأن يقال الهاء لا تقلب ألفاً، ويبحث فى ذلك بأنا لا نسلم أن أهيلا تصغير آل، بل تصغير أهل، اللهم إلا أن يقال إن الأوائل قد سمعوا من العرب أن تصغير آل أهيل، أو يقول قائل جاء آل، فيجيبه أحد من العرب ما أهيلك، تحقيراً لآله ونحو ذلك مما يعلم به أن تصغير آل، ولو فتحنا باب التعرض لأئمة النقل فى طلب تصحيح نقلهم لم يبق اعتماد على ما فى الكتب ولا التعويل عليهم، ولا يتعرض لذلك إلا الواجب يعارض، وإلا لم يفد فائدة، وقد قال الشيخ خالد سمع تصغير آل على أهيل، وتصغير على أويل والأول أشهر وأكثر. وإن قلت قد استبعدت إبدال الهاء همزة إلا لعلة صيرورتها إلى خفة بقلب الهمزة هاء، وقد أبدلت همزة وبقيت الهمزة فى ماء وشاء. قلت لما ضعف ماء وشاء بإعلال العين قويا بإبدال لامهما وهو هاء وهمزة باقية، لأن الهمزة أقوى، وإنما لم تقلب الهاء فى آل ألفاً من أول الأمر لأن الهاء لم يعهد قلبها ألفاً، وأما قول السعد إنها هاء قلبت وهى ثقيلة ألفاً وهى خفيفة فحصل له النقص بهذا، فكان لا يوضع إلا الذى شرف جبراً لذلك النقص، فالمراد به ضرورة هائه ألفاً بواسطة صيرورتها همزة أولا، وقال الكسائى أصل آل أول بفتح الواو وغير مشددة قلبت ألفاً وهو من آل يؤول إذا رجع إليه بقرابة أو بدين أو نحو ذلك، وإنما قلبت ألفاً لتحركها بعد فتحة، واستدل الكسائى بتصغيره على أويل، وسمع هو بعض العرب الفصحاء يقول آل وأويل وأهل وأهيل، وأقول إذا تقرر أنه سمع تصغير آل على أهيل وعلى أويل كما مر عن الشيخ خالد جاز أن تقول له أصلان أهل وأول، فباعتبار الأول يصغر على أهيل، وباعتبار الثانى يصغر على أويل، وتقدم أن الأوائل نقلوا تصغيره على أهيل فحملناهم على أنهم علموا من كلام العرب بقرائن أنه ورد أهيل تصغير لآل، وإن قلت فى الاستدلال بالتصغير دور لأن المصغر فرع المكبر وقد توقف العلم بأصالة الواو أو الهاء المكبر على أصالته في المصغر، قلت توقف فرعية ألف فى آل على الهاء أو الواو فى أهيل أو أويل توقف وجود، وتوقف أصالة الهاء أو الواو على ذلك توقف فاختلف جهة التوقف فانتفى الدور، وإن قلت كيف يكون أصل آل أهلا والأهل من معنى القرابة والآل لا يختص بها؟ قلت قابل ذلك يقول معناهما واحد قيل أو أراد بالأهل الذى هو أصل آل لفظ الذى أهل الذى هاؤه عن واو من آل يؤول، قلبت واوه هاء لتقارب مخرجهما، ولا نسلم تقاربهما، ولا يضاف غالباً إلا إلى الظاهر جبراً للنقص الحاصل له بإبدال هائه ألفاً بواسطة إبدالها همزة، كما لا يضاف إلا لشريف لذلك سواء كان الشرف دينياً أو دنيوياً تحقيقاً أو ادعاء مطلقاً أو نسبياً، ولا ينافي تصغيره كونه للشريف لأن التصغير يكون للتعظيم كما للتحقير، ولأن التحقير بنسبة لا ينافى التعظيم بأخرى، لأن الشرف إنما هو للمضاف إليه ولا يلزم شرف المضاف بشرف المضاف إليه، بل إنما يلوح فى بعض المواضع إلى شرفه بشرف المضاف إليه تلويحاً لا لزوماً، وإنما يضاف إلى معرف مذكر عالم، وسمع الأخفش آل المدينة وآل البصرة ومما سمعوه آل البيت وآل الصليب وآل فلانة، وذلك شاذ.

السابقالتالي
2 3 4