الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ }

{ وَإِذْ } معطوف على إذ الأولى، أو معمول لمحذوف من جملة المعطوف أو المحذوف مستأنف. وذلك مثل أن يعطف اذكر أو يستأنف به أو يقدر إطاعة الملائكةوإذ قال ربك للملائكة } فيعطف إطاعة الملائكة إذا.. إلخ. علىقالوا أتجعل } إلخ مع إذ الأولى المتعلقة بقالوا إن علقت فيه، وهذا شروع فى ذكر نعمة رابعة على الناس بعد الثلاثة، فى قولهوإذ قال ربك } { قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ } كلهم على الصحيح بدليل فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس. حيث أكد بما يفيد الشمول. وقرئ الكلام بالفاء الدالة على السببية فإنها للسببية عن الأمر بالسجود، أى سجدوا كلهم لأجل أمره إياهم. وقيل ملائكة الأرض. وقرأ أبو جعفر بضم التاء إتباعاً لجيم اسجدوا. والفصل بالساكن ضعيف واستهلاك حركة الإعراب لحركة الإتباع كهذه القراءة. وقراءة الحمد لله بكسر الدال لغة ضعيفة فبما قال الزمخشرى وأظن أن معنى كون ذلك لغة، أن قوما من العرب يفعل ذلك فى بعض كلامه جوازا لا وجوبا. { اسْجُدُواْ لآدَمَ } سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة، فيمكن أن يكون أمرهم بالانحناء بدون إيصال رءوسهم الأرض أو بإيصالها الأرض، وذلك سواء لأنه على كل حال سجود تحية لا عبادة. وقال الجمهور انحناء وخضوع بلا وصول للأرض، بناء على أن السجود إلى الأرض لم يجز لغير الله، وأصحاب القول الأول قالوا مباح لغيره تحية وتعظيما لا عبادة، حتى نسخ التحية الانحنائية كلها على وصول الأرض، أو على غير وصولها، بتحية الإسلام، وهو قولنا السلام عليكم. وقوله صلى الله عليه وسلم " لو أمر أحد بالسجود لأحد لسجدت المرأة لزوجها " يحتمل وصول الأرض على أن الملائكة لم تصلها، ويحتمل سجود العبادة، ويحتمل الانحناء بلا وصول تعظيما وتحية، وتستثنى الملائكة، فالمراد أحد من الناس والجن. ولا يدل قولهفقعوا له ساجدين } على وصول الأرض، لأن من جثى على ركبتيه واقع، وكذا كل من نكس أعلاه. وممن قال سجود انحناء على بن أبى طالب وابن مسعود وابن عباس. وقال الشعبى إنما كان آدم كالقبلة، والمعنى إلى آدم، فاللام بمعنى إلى، وفى ذلك على كل حال كرامة لآدم - عليه السلام - ويجوز كونها بمعنى عند، أى اسجدوا عند آدم، ومن اللام بمعنى إلى، كقول حسان
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا عن هاشم ثم منها عن أبى حسن أليس أول من صلى لقبلتكم وأعرف الناس بالقرآن والسنن   
وكأنه قال ذلك حين استخلفوا عثمان، ولم يستخلفوا عليا، أى من صلى إلى قبلتكم، ويجوز كونها للتعليل، أى اسجدوا لأجل آدم، فإذا كانت اللام بمعنى إلى أو عند أو للتعليل، فالسجود إنما هو عبادة لله تعالى بوصول الأرض، وإذا كانت بمعنى إلى فآدم قبلة قطعاً تنص عليه إلى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6