الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }

{ يَا آدَمَ أَنْبِئْهُمْ } أخبر الملائكة. { بِأَسْمَآئِهِمْ } أى بأسماء المخلوقات، أو بأسماء الملائكة على ما مر. فروى أنه عليه السلام سمى لهم كل شىء باسمه، وذكر حكمته التى خلق لها، قال الشيخ هود - رحمه الله - قال آدم هذا كذا وهذا كذا، فسمى كل نوع باسمه، يعنى ميز كل نوع وسماه باسمه. قال وقال بعضهم سمى كل شىء باسمه وألجأه إلى جنسه. يعنى أنه سمى كل فرد من أفراد كل نوع، ونسبه أيضاً إلى نوعه. والله على كل شىء قدير. وقرئ أنبيهم بالياء ساكنة سكوناً ميتاً، بدلا من الهمزة. وبناء الأمر على سكون الهمزة، الذى صار إلى بدله وهو الياء بعد الإبدال، وكان قبله على الهمزة، فلا تحذف الياء بعد، وقرئ بإبدالها ياء وحذف الياء وإنما حذفت تشبيها بياء يرمى. ويقال قلبت الهمزة فى المضارع المرفوع ياء شذوذا، فحذفت فى الأمر كحذف ياء يرمى فى ارم ولم يرم، أو على لغة من يقلب كل همزة فى الطرف تلى حركة ما يجانس الحركة. { فَلَمَّآ أَنبَأَهُمْ } آدم. { بِأَسْمَائِهِمْ } وفى هذا دليل على أن آدم نبى رسول، لأن الله جل جلاله أمره أن ينبئهم فأنبأهم بما لم يكن عندهم، فهو رسول إلى الملائكة وإلى ذريته. ومزية سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم أمروا أن يؤمنوا به رسولا كما أمر سائر الخلق، وليس آدم على هذه الصفة ولو آمن به الملائكة. { قَالَ } عتاباً باللملائكة. { أَلَمْ أَقْل }؟ الاستفهام للتوبيخ وإنكار أن يكون قولهم أتجعل مما ينبغى وإنكار أو نكون لم يقل وتقرير أنه قال. { لَّكُمْ } يا ملائكتى. { إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ } ما غاب عنكم فيهما ما هو موجود، وما مضى وما سيوجد، فقد علم أحوال آدم قبل استخلافه، وعلم أنه أهل للخلافة. { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } ما تظهرون من قول وفعل وحركة وسكون. { وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } فى عقولكم أو ما تبدون من قولكم نطيع الله ولو فضله علينا وما يكتم إبليس فيكم أنه إن فضله عليه صى وسعى فى إهلاكه، وبه قال ابن عباس. أو ما تظهرون من قولكم أتجعل فيها وما تكتمون من قولكم إن الله لن يخلق خلقاً أكرم عليه منا ولا أعلم، فإنهم قالوا فيما بينهم ولم يقولوه لله فسماه مكتوماً، وهو تعالى لا تخفى عليه خافية أو تبدوه من قولكم أتجعل فيها وما تكتمون ما اعتقدوه أنهم أحقاء بالخلافة. ويوافق الاحتمال الذى قيل هذا قول الحسن وغيره إنهم لما قال الله عز وجلإنى جاعل فى الأرض خليفة } قالوا ما الله خالق خلقاً أكرم عليه منا ولا أعلم منا، فهو الذى كتموه، وابتلوا بخلق آدم وكل شىء مبتلى، كما ابتليت السماوات والأرض فقال

السابقالتالي
2 3