الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوۤاْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدْنَىٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ يَا أيُّها الَّذِينَ آمنُوا إذَا تَدَايْنتُم بِدَيْنٍ إلى أجَلٍ مُسَمىًّ } ، أى إذا عامل بعضكم بعضا بدين، والمفاعلة على بابها، لأن المتبايعين بالدين كل منهما له ملابسة بالدين، هذا يعطيه وذاك يأخذه، وكلاهما عاقد، وليس المراد كل منهما باع دينا للآخر، لأن بيع الدين بالدين باطل، وكذلك لا يدخل فى الآية بيع يد بيد، لأنه لا دين فيه بقى بيع العين بالدين وهو بيع الشئ بالثمن مؤجلا، وبيع العين بالدين وهو السلم، وهما داخلان تحتهما، وكذلك لا يدخل فيه القرض، لأنه لا أجل فيه، وقيل بجواز الأجل فيه، وقيل بوجوبه، والبحث مذكور فى الفروع، وقال الفخر إن القرض لا يسمى دينا، وإنما قال بدين مع أن قوله تعالى { تداينتم } ، يكفى عنه ليرجع إليه الضمير فى قوله فاكتبوه، إذا لو لم يذكر لقيل فاكتبوا الدين، فيفوت بعض الحسن فى الكلام، ولأنه أظهر فى تنويع الدين إلى مؤجل وغيره، ولئلا يتوهم عند ذكر تداينتم المجازاة، ولو كان لفظ دين أيضاً يستعمل بمعنى الجزاء، لكن يتبادر منه بعد لفظ تداينتم ما يترتب فى الذمة لا الجزاء، ولا يقال لو لم يذكر فقيل فاكتبوه لدل عليه تداينتم كقوله تعالىاعدلوا } هو أقرب للتقوى، لأنا نقول مصدر تداين لفظ التداين فلا يناسب أن يقال اكتبوا التداين، وكذا لا يعود الضمير للأجل، وذلك أن المراد الإفصاح بكتب كمية الدين لأجله وغير ذلك يصح بتكلف، وخرج بالأجل، والمسمى بمعنى المعين باسمه الذى لا خفاء فيه كعدد الأيام والأسابيع والشهور والسنين غير المعين مما فيه خفاء، كالحصاد والجذاذ والقيظ، وقدوم الحاج، وقال ابن عباس نزلت فى السلم لأنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون فى الثمار سنتين والثلاث فقال " من أسلم فليسلم فى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " وقال ابن عباس لما حرم الله الربا أباح السلم وقال، أشهد أن الله أباح السلم المضمون إلى أجل معلوم فى كتابه، وأنزل فيه أطول آية. ولعله يريد أن سبب النزول السلم واللفظ عام للدين كله. { فاكْتُبوهُ } بأجله المسمى وببدئه، لئلا يأخذ صاحب الحق أكثر من حقه، ويعطى من عليه أكثر مما لزمه بعمد ومغالطة، أو نسيان وتوهم، أو يأخذ هذا قبل أجله، ويعطى هذا قبل الأجل الذى عليه، أو يؤخر من عليه عن الأجل، وإنما الذى ينبغى أن يعلم الأمر على الحقيقة، ثم يزيد المعطى أكثر مما عليه بقصد الثواب، أو ينقص له صاحب الحق كذلك، أو يؤخر له فى الأجل، وإن جهل الأجل بطل البيع، وقيل يكون حالا والأمر بالكتابة على الندب عند الجمهور، وقالوا إنا نرى جمهور المسلمين فى جميع ديار الإسلام يبيعون بالأثمان المؤجلة من غير كتبه ولا إشهاد، وذلك إجماع على عدم وجوبهما، فذلك ندب فى حفظ المال وإزالة الريبة، فإن كان الغريم ثقة لم يضره الكتب بل يكون له أعون فى الحياة وبعد الممات إن لم يقبضه، وإلا فقيد له وإن أشهدت وكتبت فحزم وإن ائتمنت ففى حل وسعة، وقال عطاء وابن جريح والنخعى والطبرى الكتابة والإشهاد واجبان.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10