الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ وَإنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ } أى إن ثبت صاحب ضيق فى المال، وكان ممن لكم عليه رأس مال فى الربا، أو لكم عليه دين حلال من وجوه الدين، أو قرض أو تباعة من التباعات. { فَنَظِرةٌ } أى فعليكم نظرة أو فالواجب نظرة، أو وجبت نظرة، أو فلتكن نظرة، فنظرة عليكم أو فنظرة وجبت، وعلى هذين الوجهين سوغ الابتداء بالنكرة كونهما فى جواب الشرط، ونظرة اسم مصدر بمعنى الإنتظار أو الانتظار، يقال انظره أو انتظره بمعنى أخره أو راقبه ولم يعاجله. وقرئ فنظرة بسكون الظاء للتخفيف، وذلك لغة تميم فى الثلاثى المكسور العين، وقرأ عطاء فناظرة بالأف بعد النون والهاء التى هى ضمير غير منقوطة بعد الراء غير منونة، وهى عائدة إلى ذى العسرة الذى عليه الحق، أى فصاحب الحق ناظرة أى منظره أو منتظره، أو فصاحب الحق صاحب نظرته على أن ناظرا فى هذا الوجه للنسب كلاين ومكان عاشب، أى ذو عشب وقرأ عطاء أيضا فى رواية فناظرة بألف وهاء منقوطة منونة والمعنى فصاحب الحق ناظرة والتاء للمبالغة على غير قياس، أو على التأويل بالنفس، وعلى هاتين القراءتين، فاللفظ خبر ومعناه أمر، ويجوز على القراءة الأخيرة أن يكون ناظرة بمعنى المصدر، أى فنظرة كقراءة الجمهور بأن استعمل اسم الفاعل بمعنى المصدر لعلاقة الاشتقاق أو التعلق قال الزجاج ناظرة مصدر ككاذبة وخاطئة، فإما أن يريد ما ذكرت من التجوز أو أراد أنهُ مصدر على خلاف القياس، وقرأ عطاء أيضا فى رواية فناظرة بألف وإسكان الراء تليها هاء الضمير على أنه فعل أمر أى انظره فهو من الصيغة التى للمبالغة استعملت فى غير المفاعلة تأكيدا فى الإمهال أى فبالغه فى انتظارها. { إلَى مَيْسَرةٍ } أى يسر وهو وجود المال أو زمان يسر فهو مصدر ميمى أو اسم زمان شاذ قياسا على الوجهين لضم الوسط وزيادة تاء التأنيث وقرأ غير نافع وحمزة بفتح السين وهو أشهر وقرئ ميسرة بضم السين وكسر الراء وهاء الضمير بعدها وإسقاط هاء التأنيث للإضافة، لأن الإضافة تسبغ حذفها فى الجملة كقوله تعالى وأقيم الصلاة والأصل وإقامة الصلاة وقول الشاعر
وأخلفوك عدا الأمر الذى وعدوا   
والأصل عدة وقرأ كذلك مع فتح السين، وإنما قلت بعموم الانتظار فى الآية لرأس مال الربا، ولغير ذلك، لأن كان لا خبر لها فهى فى كلام مستأنف فى مطلق من حصلت له عسرة، ولما ورد فى الأحاديث من انتظار المعسرتى الديون والقرض، ولو كان ذلك فى رأس مال الربا لقال وإن كان لا عسرة بالنصب، فيكون فى كان ضمير صاحب الربا وذلك تفسير مجاهد وجماعة، وقال ابن عباس وشريح والضحاك والسدى إن الآية فى انتظار المعسر برأس مال الربا، لأن الآية قبلها فى الربا، والمعنى وإن كان ذو عسرة برأس مال الربا، ويجوز أن يكون لها خبراً أى وإن كان ذو عسرة غريماً لكم، وذكر عن شريح رحمه الله أن رجلا خاصم رجلا إليه فقضى عليه وأمر بحبسه ليقضى ما عليه من أمانة أتلفها، فقال رجل كان عند شريح إنه معسر والله تعالى يقوله فى كتابه

السابقالتالي
2 3