الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ }

{ إن الَّذين آمنُوا } صدقوا بوجود الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وسائر الوحى. { وعَمِلُوا الصَّالحاتِ } الفرائض أو الفرائض والمندوب إليه. { وأقامُوا الصَّلاةَ } أو زادوا نفلا. { وآتُوا الزَّكاة } أو زادوا نفلا من الصدقة عليها، والصلاة والزكاة داخلان فى الصالحات وخصهما بالذكر لمزيدهما. { لَهُم أجْرُهم عِنْد رِّبهمْ } يوم القيامة. { وَلا خَوْفٌ عَليْهِم } فِيه. { ولا هُم يَحْزنُونَ } على ما فعلوا من الخير بأبدانهم أو من أموالهم، لأنهم يجدون أجره ولو فاتهم العمل أو أبطلوه لحزنوا على ما فاتهم من عمله أو ثوابه. { يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا اتَّقوا اللّهَ وذَرُوا مَا بَقِىَ مِنَ الربا } احذروا عقاب الله بترك المعاصى، أو احذروا معصية الله عز وجل، واتركوا ما بقى من الربا لم تقبضوه ولو حل أجله قبل أن تسلموا أو قبل نزول تحريمه، وقيل معنى ما بقى ما فضل على رأس المال، وقرأ الحسن ما بقا بالألف وفتح ما قبلها على لغة طيئ فى كل فعل ثلاثى مختوم بياء مكسورة ما قبها وعنه ما بقى بإسكان الياء سكونا ميتا بعد كسرة القاف. { إنْ كُنتُم مُؤمِنينَ } صادقين فى إيمانكم، ومن لم يصدق فى إيمانه يجب عليه الاتقاء لله، وترك الباقى من الربا أيضاً، وكذا من لم يؤمن لكن خص الذى آمن وصدق فى إيمانه، لأنه المنتفع بالأمر والنهى، قال مقاتل نزلت الآية فى أربعة إخوة من ثقيف مسعود، وعبد ياليل، وحبيب وربيعة ابنا عمر والثقفى، كانوا يداينون بنى المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم من قريش، فلما ظهر النبى صلى الله عليه وسلم على الطائف أسلم الإخوة ثم طلبوا رباهم من بنى المغيرة، فنزلت الآية، وقيل خطاب لأهل مكة كانوا يربون ولما أسلموا عند الفتح أمرهم الله أن يأخذوا رءوس أموالهم دون الزيادة، وروى أنهُ لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال فى خطبته فى اليوم الثانى من الفتح " الأكل ربا فى الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس فإنه موضوع كله، وكل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمى موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضعه من دماء نادم ابن أبى ربيعة بن الحارث " كان مسترضعا فى بنى سعد فقتله هذيل وكان العباس وخالد بن الوليد شريكين فى الجاهلية يسلفان فى الربا إلى بنى عمير من ثقيف، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة فى الربا ونزلت الآية فى تحريم الربا فقرأها عند الفتح، فقيل سبب نزولها العباس وخالد، وقيل قال ذلك فى حجة الوداع وبه قال مسلم فى رواية عن جابر بن عبد الله، وقيل لما قال ذلك عام الفتح وقد بدا بالعدل فيمن يليه كالعباس، رجع إلى المدينة واستعمل على مكة عتاب بن أسيد وقد نزل أهل الطائف على الإسلام، فطلبوا رباهم إلى بنى المغيرة وقالوا لا نعطى فإن الربا قد وضع، ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد بمكة، فكتب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب فعمل بها ثقيف فكفت، وروى أن أهل الطائف اشترطوا فى إسلامهم شروطا منها أن لهم رباهم وربا الناس عنهم موضوع، فقرر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطهم، ثم نزلت الآية فرد ذلك عليهم، وكتب أسفل الكتاب " لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم " وقيل نزلت فى العباس وعثمان بن عفان أسلفا فى التمر بالربا، ولما حصر الجذاذ قال صاحب التمر إن أنتما أخذتما حقكما لم يبق لى ما يكفى عيالى، فهل لكما أن تأخذا النصف وتؤخرا النصف وأضعف لكما؟ ففعلا، فلما جاء الأجل طلبا الزيادة فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فنهاهما، وأنزل الله عز وجل هذه الآية فسمعا وأطاعا وأخذا رءوس أموالهم، وعن عروة بن الزبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3