الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

{ يَا أيُّها الَّذينَ آمنُوا أنفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُم } أى مما هو طيب عقلا وهو الحلال مطلقا أجود أو جيد أو دون ذلك، إلا أنه غير ردئ لقوله { ولا تيمموا الخبيت منه تنفقون } ، أو المراد بالطيبات ما هو طيب حسا وهو الجيد والأجود، وعلى هذا الجمهور، فإن العرف فيما دون ذلك أنه لا يقال له طيب، ويدل على أن المراد بالطيبات ما طاب عقلا قوله صلى الله عليه وسلم " ثلاث إذا كن فى التاجر طاب كسبه لا يعيب إذا اشترى، ولا يمدح إذا باع، ولا يكذب " ويروى " ولا يحلف " ، وقوله صلى الله عليه وسلم " عمل الرجل بيده جوابا لمن قاله أى الكسب أطيبه " ، وقوله عليه الصلاة والسلام " أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وأن ولده من كسبه " ، وبذلك يقول ابن زيد فيفسر الخبيث بعد بالحرام، والشهبة، ومن فسر الطيبات بالجيد والأجود فسر الخبيث بما دون ذلك، ويمكن أن يفسره أيضاً بالحرام والشبهة، والمراد بقوله { ما كسبتم } ، ما ملكتم، ولو بهبة وميراث، فيكون من استعماله المقيد فى المطلق، ويجوز أن يراد ما كسب بنحو تجر أو عناء، وخص بالذكر بأن الأجر فى إنفاقة أعظم، لأن النفس عليه أشح ولغيره أيضاً ثواب، ومفعول أنفقوا محذوف منعوت بقوله { من طيبات } أى شيئا من طيبات، أو من مفعول على القول بأن من التبعيضية اسم مضاف، أى أنفقوا بعض طيبات، واختلف فى الإنفاق فى الآية فقيل الزكاة فالأمر للوجوب، وقيل التطوع فالأمر للندب، وقيل الزكاة والتطوع، فمن أجاز الجمع بين الحقيقة والمجاز وقال إن الأمر حقيقة فى الوجوب، قال هو الوجوب والندب، ومن منع قال مستعمل فى عموم المجاز، وهو هنا مطلق الطلب، بقطع النظر عن وجوب وندب، ومن قال مشترك بينهما وأجاز استعمال المشترك فى معنييه أو معانيه قال هو فى الآية لهما كل مال لتجر تلزم فيه الزكاة ولو داراً أو نخلا، كالتى يعامل بها صاحبها أو ببعضها لمن أراد أخذ الدين، كما قال ابن جعفر، وزعم داود أن مال التجر الذى هو عروض لا زكاة فيه، إلا إن نوى لتجربه حين تملكه ولما يكمل على أن الزكاة فى الأصل الذى يتجربه وفى العروض المتجر به قول سمرة بن جندب أن رسول الله صلى لله عليه وسلم يأمرنا بإخراج الصدقة من الذى يعد للبيع والشراء فترى كثيراً من الناس يعدون دارا لكل من أراد معاملة ولا يزكيها بالقيمة حين زكاته، وهو منكر. { وممَّا أَخْرَجْنا لَكُم مِّنَ الأرْضِ } هو على حد ما مر أن المراد الزكاة أو التطوع أو كلاهما، زعمت الظاهرية بهذه الآية أن الزكاة تجب فى كل ما يزرعه الإنسان، وفيما كثر منه أو قل، وهو قول أبى حنيفة، ويرده من حيث التقدير، حديث

السابقالتالي
2 3 4