الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ ألَمْ تَر إلى الَّذِى حاجَّ إبْراهِيمَ فىَ رَبِّهِ } الذى حاجه النمرود وذلك تعجيب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يمكن منه التعجب من حال هذا المحاج الغريبة الشبيهة بالمثل فى الغرابة، إذا حاج فى كفره وحماقته وعظم جهله، إبراهيم الذى هو خليل الله فى شأن مالكه ومالك كل شئ، أو معنى حاج جادل، والهاء فى ربه لإبراهيم عليه السلام، ويصح عودها إلى الذى، والأول أظهر لقربه، والثانى أنسب فى تقبيح ذلك المحاج، إذ حاج فى ربه الخالق له، المالك له، إبراهيم يريد نفيه. { أنْ آتاهُ اللّهُ } أظهر لهُ الجلالة ويستر ضمير رب فى أتى مع تقدمه، لأن لفظ ربه مجمل يجوز أن يريد به أن يقول نمرود ما ربك أو كيف هو. { المُلْكَ } أن حرف مصدر، وحرف التعليل مقدر متعلق بحاج، أى لأن آتاه الله الملك، أى حاج إبراهيم ربه لآتاه الله إياه الملك، أى بطره إيتاء الملك، وحمله على الجدال، كما قال الله تعالىإن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى } ويجوز أن يكون معنى التعليل على العكس فى الكلام بمعنى أنه وضع المحاجاة موضع الشر عكس الواجب عليه، إذ الواجب الشكر، كقول حسان فشكركما لخيركما الفداء تقول لمن فعلت له الخير وأساء إليك، أفعلت هذه الإساءة لإحسانى إليك، وأجاز القاضى أن يكون المصدر من قوله { أن آتاه } منصوبا على النيابة عن الظرف، أى وقت أن آتاه، أى وقت إيتائه، ويبحث فيه بأن المصدر الذى ينوب عن الزمان هو المصدر الملفوظ به، لا الذى بالتأويل، ولا يعترض على هذا البحث بما المصدرية الظرفية، إذ دلت على الزمان، وليس المصدر صريحا، لأن ما المصدرية الظرفية وضعت على التلويح بها إلى الزمان، بخلاف أن المصدرية، وذكر عن بعض المعتزلة أنه ينكر إيتاء الله الكافر الملك، والحجة عليه الآية والمشاهدة والتواتر، وذلك أن صاحب الكشاف ذكر ما إيضاحه أنه يمتنع تغليب الله الكافر وتسليطه بايتائه الملك، فأجاب بأنه لم يغلبه ولم يسلطه، ولكن آتاه الله ما تغلب وتسلط به، ولم يعطه للتغليب والتسليط، وأجاب أيضاً بأنه قبل أعطاء الملك امتحانا، وأما أن يعطى الكافر الملك على غير ذلك فلا. { إذْ قالَ إبراهِيمُ } متعلق بحاج، ومن يقدر وقت أن آتاه الله، جعل إذ بدلا من أن آتاه الله لنيابته عن وقت. { ربِّىَ الَّذِى يُحْيى ويُميتُ } لا مفعول لهما لأنه ليس المراد بحيى كذا ويميت كذا، أو يميته، بل المراد أنه يخلق الحياة والموت فى الأجسام، وقرأ حمزة رب بحذف الياء هذه عبارة القاضى، والمتبادر منها أنه حذف الياء استغناء بالكسرة لا لتسكينه إياها والتقاء الساكنين لأنه رسمها القاضى فى قراءة ورش بلا باء، وعبارة ابى عمرو الدانى ربى الذى أسكنها حمزة وهو نص فى أنهُ حذفها للساكن بعدها بعد ما أسكنها ولعل هذا مراد القاضى ولم يثبتها فى قراءة حمزة فى رسمها، لأنه لم يجلب حين ذكرها لفظة الذى.

السابقالتالي
2 3 4