الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ اللّهُ ولىُّ الَّذِينَ آمنوا } أى محبهم، والمحب يلى محبوبه بالنصر والعون فنصره تعالى لا يفارق الذين آمنوا، ويجوز أن يكون المعنى متولى الذين آمنوا، أى متكفل بمصالحهم، والمراد بالذين آمنوا من أسلم من كفر، وقضى الله له بالثبات ويدل له قوله { يُخْرِجْهُم مِنَ الظُّلماتِ } أى من الكفر بتوفيقه. { إلىَ النُّورِ } الإيمان، وقيل الظلمات ما يوصل إلى الكفر من الجهل وإتباع الهوى، والوساوس والشبه، والنور ما يوصل إلى الإيمان وقيل الذين آمنوا كل من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولو لم يكفر قبل ذلك ولا ينافيه لفظ الإخراج، على أن معنى إخراجهم من الظلمات إيقاعه إياهم بتوفيقه فى الإيمان تقدمه كفرا، ولم يتقدمه استعمالا للخاص وهو الإخراج من الظلمات بعد كونه فيها فى العام، وهو الإيقاع فى غير الظلمات، بلا قيد تقدم كون فيها، قيل كل ما كان فى القرآن من الظلمات والنور فهو الكفر والإيمان إلا فى قوله تعالىوجعل الظلمات والنور } فى سورة الأنعام، فالليل والنهار، أو كل ظلمة كما فى الليل، وأرض البحر ولُجَجَهُ، والغار وكل مكان مظلم، وكل نور كالشمس والقمر والنجوم والمصباح، لكن لا يلزم هذا، لجواز أن يراد أيضاً جعل الكفر والإيمان، وسمى الإيمان نوراً لأنه يتوصل به إلى النجاة والفوز، كما يتوصل بالنور المحسوس إلى المحل المقصود والحاجة المقصودة ولينجى به من الوقوع فى نحو البئر، والكون بحضرة المهالك، كالحية والسبع، والكفر بعكس ذلك، وجملة يخرجهم خبر ثان للفظ الجلالة أو حال من الضمير المستتر فى ولى، فإنه فعيل بمعنى فاعل أو حال من الذين أو حال منهما أو مستأنفة للتبيين، أو مستأنفة لتقريره الولاية فى قوله تعالى { الله ولى الذين آمنوا }. وَالَّذِينَ كَفُروا أولياؤهم الطَّاغُوتُ } أخبر به على الجمع، لأنه جنس، أو لأنهُ يطلق على الواحد الجمع كما مر، والمراد الكفار مطلقا معنى كون أولياؤهم الطاغوت أنهم يعدون الطاغوت ناصراً لهم ونافعا، هذا فى زُعمهم، والواقع غير ذلك، أو يليهم بالوسوسة والتزيين. { يُخرجُونَهم مِنَ النُورِ إلىَ الظُّلماتِ } فيه الإعراب السابق بأقسامه، والنور الإيمان الذى يفطر عليه الصبى حتى يبلغ ويسعى أهله فى تكفيره، وغير أهله أو الإيمان مطلقا لم يسبقه كفر، أو سبقه، والظلمات الكفر وأسبابه كالانهماك فى الشهوات، ويجوز أن يكون النور دلائل الدين كآيات القرآن، والظلمات الشكوك والشبهات، ومعنى إخراجهم من الآيات ونحوها إلى الظلمات كون أولياؤهم سبباً فى الشكوك والشبهات والإعراض عن الآيات ونحوها، وقد قال بعض إن الآية نزلت فى قوم ارتدوا، وقيل فى اليهود أيقنوا بمحمد وكتابه وهما نور، فلما بعث جحدوا ذلك وكفروا به، وقيل. كعب بن أشرف وحُيَى بن أخطب، وإذا فسرنا الآية بما لم يكن صاحبها فى الإسلام، فمعنى الإخراج مطلق عدم كون فى الإسلام إطلاق للمقيد على المطلق على حد مَا مر، ولك وجه آخر وهو أن يشار بالتعبير بالإخراج من النور إلى أن الإيمان لوضوح دلائله، كأنه قد دخله كل بالغ كافر، ثم خرج منه وأسند الإخراج إلى الطاغوت، لأنه سبب، والفاعل الحقيق الله.

السابقالتالي
2