الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ لا إكْراهَ فى الدِّينِ } أى لا يؤخذ أحد فيحبس ليسلم أو يضيق عليه بمنعه من ماله ويترك هو حتى يسلم، وذلك إذا كان ابتدأ عليه، وأما إن دخل الكتابى الذمى أمرا يؤذن بالإيمان فلا يترك حتى يسلم مثل أن يؤذن أو تقيم حتى يقول محمد رسول الله، أو يدخل المسجد على ما بسطهُ فى شرح النيل ولا تشمله الآية لأنه لما دخل فى ذلك الأمر أشعر بالإيمان، وإنما أمر بإتمامه إزالة للأشتباه، إذ لا سبيل لقتله، وأما غيره من أهل الكتاب والمجوس فسبيله أن يسلم أن يعطى الجزية وإلا قتل، وأما غير أهل الكتاب والمجوس، فإن لم يسلموا قتلوا فلا يحبس كتابى فى ذلك إكراه على الدين، وكذا لا يكره مخالف أن يدين بديانتنا. قال ابن عباس كانت المرأة من الأنصار إذا كان الولد لا يعيش لها نذرت إن عاش جعلتهُ فى اليهود فى دينهم، وزوجها أيضاً من الأنصار، وقيل إن الأنصار تزوجوا يهوديات، فكن ينذرن أن يجعلن أولادهن فى دينهن، فجاء الإسلام، وفى اليهود جماعة فمن نذر به وجعل فيهم، فلما، أجليت النظير أردات الأنصار استردادهم، وقالوا هم، وقالو هم أبناوءنا وإخواننا، فنزل { لا إكراه فى الدين } الآية فقال صلى الله عليه وسلم " قد خيركم أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فأجلوهم معهم " ، وعن سعيد بن جبير كان قوم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم استرضعوا أولادهم فى اليهود زمان الجاهلية، فلما أسلم الآباء وقد كبر أبناؤهم على اليهودية، أرادوا أن يكرهوا أبناءهم على الإسلام، فنزلت الآية. قال مجاهد أرضعت نظير رجالا من الأوس، فلما مر النبى صلى الله عليهُ وسلم بإجلائهم قالوا لنذهبن معهم ولنديننن بدينهم فمنعوهم أهلهم وأكرهوهم للإسلم، فنزلت، وقيل كان لابن الحصين من الأنصار من بنى سالم بن عوف أبنان تنصرا، قدم المدينة نفر من الأنصار يحملون الزيت من الشام بعد قدوم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، فقال أبو همالا أدعكما حتى تسلما فاختصموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله أيدخل بعضى النار وأنا أنظر؟ فنزلت. فجلاهما، وقال ابن مسعود والزهرى وزيد بن أسلم إن معنى الإكراه فى الدين نهى عن القتال، فعليه فهى منسوخة بآية السيف، وقال قتادة والضحاك المعنى لا يكره أهل الكتاب والمجوس على الإسلام بالسيف، بل تقبل عنهم الجزية إلا إن أبوا منها قتلوا كتب النبى صلى الله عليهِ وسلم إلى عامله المنذر بن فلان أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية وهى على أصلها، أى لا إكراه فى الأحكام الشرعية من التوحيد وما دونه، أى ليس فيها شئ يكره عليه، أو المراد بالدين التوحيد، ويجوز كونها بمعنى على، أى لا إكراه ثابت على الدين، أى على الدخول فيه واللفظ خبر، ومعناه نهى، أى لا تكرهوا فى الدين أو معناه أيضا خبر أى ليس من الحكمة أو من دين الله أن يكره كافر على الدين.

السابقالتالي
2 3