الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }

{ فَهزَمُوهُم } أى هزم طالوت ومن معه من المؤمنين، جالوت ومن معه المشركين، أى غلبوهم، وأصل الهزم الكسر. { بإذْنِ اللّهِ } أى بإرادته وتأييده، فالباء من طريق باء الاستعانة أو أراد مصاحبين لنصره إياهم إجابة لدعائهم. { وَقَتَلَ داودُ جالُوتَ } وكان داود قصيراً نحيفاً، وجالوت طويلا غليظا، قيل كان ظله ميلا لطون قامتة، وفى بيضة القتال التى يجعل على رأسه فى القتال ثلاثمائة رطل حديد، وكان يهزم الجيوش وحده، وكان رأس العمالقة وملكهم، وكان من أولاد عمليق ابن عاد، فأصله فى العرب وأمه بربرية، وقيل أصله البربر، واسم أبى داود إيشا، وكان ممن عبر النهر مع طالوت، ومعه ثلاثة عشر إبنا له، وقيل سبعة وداود أصغرهم، وكان يرمى بالقذافة، فقال لأبيه يوما يا أبت ما أرمى بقذافتى الا صرعته، فقال أبوه أبشر يا بنى فان الله قد جعل رزقك فى قذافتك، ثم أتاه مرة أخرى فقال ل. يا أبتاء لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسداً رابضاً فركبته، فأخذت بأذنه لم يهجنى. فقال أبوه أبشر يا بنى فإن هذا خيراً يريد الله بك، ثم أتاه يوما آخر فقال يا أبتا إنى أمشى بين الجبال فاسج فما يبقى جبل الآسج معى فقال يا بنى أبشر فإن هذا خيراً أعطاكه الله، وأرسل جالوت الجبار إلى طالوت ملك بنى إسرائيل أن ابرز إلىَّ بنفسك أو أبرز إلى ما يقاتلنى فلكم ملكى، وإن قتلته فلى ملككم فشق ذلك على طالوت ونادى فى عسكره من قتل جالوت زوَّجته بنتى وناهفتهُ ملكى، فهاب الناس جالوت، فسال طالوت نبيهم أن يدعو الله فدعا الله بذلك، فأتاه مخلك بقرن فيه دهن القدس وتنور حديد، وقيل له إن صاحبكم الذى يقتل جالوت هو الذى إذا وضع القرن على رأسه غلى حتى يدهن رأسه، ولا يسيل على وجهه، بل يكون كهيئة الإكليل، ويدخل فى هذا التنور فيملأه ولا يتقلل فيه، فدعا طالوت بنى إسرائيل وجربهم فلم يوافقه أحد منهم، فأوحى الله إلى نبيهم أن فى ولد إيشا من يقتل جالوت، فدعا طالوت إيشا وقال له أعرض علىَّ بنيك، فخرج له اثنا عشر أو ستة أمثال السوارى، فعرضهم على القرن فلم ير شيئاً، فقال إيشا هل بقى ولد غير هؤلاه؟ فقال لا. فقال النبى يا رب قد زعم أن لا ولد له غيرهم، فقال له كذب. فقال النبى إن ربى قد كذبك فقال إيشا صدق ربى يانى الله إن لى ولدا صغيراً مسقاما اسمه داود، استحيب أن يراه الناس لقصر قامته، وحقارته، فجعلته فى الغنم يرعاها وهو فى شعب كذا، قيل وكان أصفر أزرق، فدعا به طالوت ويقال إنه خرج إليه فوجده فى الوادى، وقد سال الوادى ماء، وهو يحمل شاتين يعبر بهما المسيل إلى الزريبة التى يريح فيهما غنمه، فلما رآه طالوت قال هذا هو الرجل المطلوب لا شك فيه، فإنه يرحم البهائم، فهو بالناس أرحم، فدعاه ووضع القرن على رأسه فنش وفاض، وقال له طالوت، هل لك أن تقتل جالوت وأزوجك ابنتى وأجرى خاتمك فى ملكى؟ قال نعم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6