الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }

{ أَلَمْ تَرَ إلى الملإِ } الجماعة المجتمعين للمشورة، سموا ملأ لأنهم أشراف يملؤن العيون هيبة ويملئون القلوب بما يحتاج إليه من قولهم { مِنْ بَنِى إِسرائِيلَ } من للتبعيض متعلق بمحذوف حال من الملأ. { مِنْ بَعْدِ مُوسَى } أى بعد موته، من للابتداء متعلق بما تتعلق به الأولى، وجاز ذلك بلا تبعية لاختلاف معانيهما. { إذْ قالُوا } متعلق بمحذوف تعجيباً بهذا المحذوف، بـ { ألم تَرَ } ، وتقريرا له على ما مر، أى لم ينته علمك أو نظرك إلى قصة الملأ أو حديث الملأ، إذا قالوا أو صح التعليق بقصة أو حديث، لأن فيه رائحة الحدث، وإنما قدرنا ذلك، لأن الذوات لا يتعجب منها، ولا تقرر، بل من حالها فلا تعلق بتر { لِنبىٍّ لَّهُمُ } يوشع بن نون بن أفرابيم بن يوسف بن يعقوب، وقال السدى شمعون بن صفية بن علقمة من ولد لؤى بن يعقوب، سمى شمعون لأن أمه دعت لله أن يرزقها غلاماً، فاستجاب الله لها فولدت غلماً فسمته شمعون، ومعناه سمع الله دعائى وتبدل السين بالعبرانية شيناً، وقال الجمهور، وعليه بن إسحاق أشموئل بن مالى بن علقمة بن صاحب بن عموص بن عزاريا، وبه قال وهب، وقال مجاهد هو ابن هلقا، وقال مقاتل من ولد هارون، قال بعض سمعت من يسميه إسماعيل بالعربية أعنى يعربه بلفظ إسماعيل، وليس إسماعيل بن إبراهيم، لأنه متقدم على بنى إسرائيل { ابْعَثْ لنَا مَلِكاً } أقم لنا ملكاً. { نُقاتِلْ فِى سبِيلِ اللّهِ } معه، والقتال إنما يتم بملك يدبر أمره، وينتظم به الشمل، وترجع إليه الكلمة عند الاختلاف، وقد قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلم " إذا اخرجتم للسفر فأمروا عليكم بعضكم " ، ذلك فى مطلق السفر، فكيف فى القتال أو فى السفر والقتال ونقاتل مجزوم فى جواب الدعاء، وقرئ بالرفع على أن الجملة حال مقدرة من ضمير الجر فى قوله { ابعث لنا ملكا } ، أى ابعث لنا مقدرين للقتال ملكا، وقرئ { يقاتل } بالمثناة التحتية، مع الجزم على الجواب، وبه مع الرفع على أن الجملة صفة لملكا، وسبب طلبه نبيهم أن يبعث لهم ملكاً للقتال أنه لما مات موسى عليه السلام، وخلف بعده فى بنى إسرائيل يوشع ابن نون يقيم فيهم أمر الله، ويحكم فيهم بالتوراة، حتى قبضه الله، ثم خلف كالب بن يوقنا كذلك، ثم حزقيل كذلك، ولما مات حزقيل عظمت الأحداث فى بنى إسرائيل، حتى عبدوا الأصنام، وبعث إليهم إلياس، ودعام إلى الله، وبعده اليسع، وكانت أنبياء بنى إسرائيل تبعث لتجديد أمر التوراة، ولما مات اليسع عظمت فيهم الخطايا، وظهر لهم عدو يقال له الباشاتا، وهم قوم جالوت، وهم بربر وسكنوا ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين، وهم العمالقة، فظهروا على بنى إسرائيل، وغلبوا على كثير من أرضهم، وسبوا كثير من ذراريهم وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين غلاماً، وضربوا الجزية على بنى إسرائيل، وأخذوا توراتهم، ولقى بنو إسرائيل منهم بلاء وشدة، ولم يكن لهم نبى يدبر أمرهم، وكان سبط النبوة، قد هلكوا كلهم إلا امرأة حبلى، وحبسوها فى بيت رهبة أن تلد جارية فتبدلها بغلام لما ترى من رغبة بنى إسرائيل فى ولدها، وجعلت المرأة تدعو الله أن يرزقها غلاماً فولدت غلاما فسمته أشموئيل ومعناه كمعنى إسماعيل، تقول سمع الله دائى، قال وهب بن منيه كان لأبى أشموئيل امرأتان إحداهما عجوز.

السابقالتالي
2 3