الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَٰهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }

{ ألمْ تَرَ إلىَ الَّذِينَ خرجُوا مِن دِيارِهمْ وَهُمْ ألوفٌ حَذَرَ الموْتِ فقالَ لهمُ الله مُوتُوا ثمَّ أحياهُمْ } الاستفهام للتعجيب، أى تصيير السامع متعجباً من هؤلاء الخارجين، أو للتقرير، وهو حمل السامع على الإقرار بعلم حالهم، سواء علم السامع بقصتهم من أهل الكتاب أو من غيرهم من أهل التاريخ، أو لم يعلم، وهذا تلويح بأن حالهم مشهور متحقق مما لا ينبغى أن يجهل، وكأنه مما لا يجهله أحد، فالخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم حالهم إلا من هذه الآية، لأنه لا يوقن بما يقول أهل الكتاب، إلا أن ألهمهُ الله أنهُ حق أو مما لا يخفى أنه حق كالتوحيد، وذكر الله فإن علم فالتعجيب أو التقرير على حقيقته، وإلا فالاستعارة تمثيلية، بأن شبه حالهم وهو لم يعلم قبل الآية بحال من علم فى أنه لا ينبغى خفاء ذلك عنه، وفى أنه يتعجب ويقر، وكذا إذا قلنا الخطاب لكل من يصلح له علم أو لم يعلم، ومعنى ترى تعلم، وعداه بإلى لتضمنه معنى تنظر أو على معنى إلى نيته علمك إلى الذين، وقل ما يقال رأيت إلى كذا إلا فى التعجب والتقرير، وسوى ذلك يكون بدون إلى، والديار ديار بلدة تسمى داور دان، وهى قبل واسط، وقع طاعون فخرجوا هاربين. وقال الضحاك قوم من بنى إسرائيل أمرهم نبيهم بالجهاد، وقيل ملكهم، ففروا حذر الموت، فحذر مفعول لأجله، ويجمع بين القولين بأن وحى القتال بلسان نبيهم وسياسته، والقيام به بالملك على عادة بنى إسرائيل وعدد ألوفهم على ما روى عن السدى بضعة وثلاثون ألفا. وقال ابن جريح عن ابن عباس ثمانية وأربعون ألفا، وقال عطاء ابن أبى رباح سبعون ألفاً، وقيل عشرة آلاف، وقيل ثلاثون ألفاً، وقيل ثلاثة آلاف، ولا قائل بأنهم فوق سبعين ألفاً بالرواية، ولو كان اللفظ قابلا لذلك، ولا بأنهم دون ثلاثة آلاف ممن قال المراد بالألوف العدد المعروف، ويضعف قول الثلاثة الآلاف، لأن الألوف جمع كثرة، ولو كان كذلك لقيل آلاف بصيغة القلة، وكذا يضعف قول الكلبى ثمانية آلاف، واختلف فى العشرة، هل يعبر فيها بصيغة الكثرة أو القلة، ومر حديث الأعرابية، فإن جمع القلة ثمانية، قال الواحدى لا يقال فى العشرة وما دونها ألوف، بل آلاف، يعنى أن جمع الكثرة لأحد عشر فصاعداً، وقال ابن زيد ألوف جمع آلاف من الألفة كقاعد وقعود، وشاهد وشهود، وراكع وركوع، وساجد وسجود وجالس وجلوس، وحاضر وحضور، يعنى أنهم قوم تمكنت الألفة بينهم والمحبة، أو كان كل واحد محبا للحياة ألفالها لنفسه، كما قال الله تعالىولتجدنهم أحرص الناس على حياة } إذا قلنا ذلك فى بنى إسرائيل، ومع هذه الألفة أماتهم فيعلمون أن الحرص على الحياة لا يعصم من الموت، وعلى القول بأنه جمع ألف كقاعدة يمكن أن يكونوا ألفين أو ألفا واحدا، ولكنه قول غريب.

السابقالتالي
2 3 4 5