الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

{ وإنْ طلقْتمُوهُنَّ مِنْ قبْل أنْ تمسُّوهُنَّ وقَدْ فرضْتُم لهنَّ فَرِيضةً } جملة قد فرضتم إلى آخره حال ماضية وصاحبها واو طلقتموهن أو هاؤه. { فنِصْف ما فرضْتمْ } أى فعليكم لهن نصف ما فرضتم أو قالو وجب لهن عليكم نصف ما فرضتم، والآية دليل على أن المنفى فى قوله لا جناح تباعة المهر، وأنه لا متعة مع تنصف المهر بقوله { فنصف ما فرضتم } ، لأن التنصيف قسيم المتعة وكأنه قيل أما الطلاق بلا مس ولا فرض ففيه التمتع، وأما الطلاق بفرض لا يمس ففيه نصف الفرض. { إلاَّ أنْ يعْفُونَ } عن النصف والاستثناء منقطع، أى إلا عفوهن أى عفو المطلقات أى لكن عفوهن مندوب إليه، وإنما قلت منقطع، لأن عفوهن على النصب ليس من جنس ثبوت نصف المهر لهن على أزواجهن وقيل متصل على تقدير فنصف ما فرضتم فى كل حال إلا حال أن يعفون وقد علمت أن حرف مصدر فاعلم أن يعفون فعل مضارع وفاعل فيعفو مضارع فى محل نصب، وبنى لاتصاله بنون الإناث، والواو حرف علة وهى جزء من الفعل كيدنو ويدعو النون فاعل وهو نون الإناث، ومثل ذلك قوله تعالىاللاتى لا يرجون نكاحا } { أوْ يَعْفُوَا } وقرئ بإسكان الواو عن ظهور النعت تشبيها لها بألف يسعى، وفى ألغيبة التفات إليها من خطاب الأزواج تنبيهاً على علة يرغب بها الزوج فى العفو، وهى الحبس بعقدة النكاح. { الَّذِى بيدهِ عُقْدةُ النكِاح } وهو الزوج، لأنه يعقد النكاح لنفسه فيعطى الصداق كاملاً فعفو النساء المطلقات ألا يأخذن نصف الصداق عمن طلقهن بلا مس، وقد فرض، وإن أخذنه رددنه، وذلك كله داخل فى الآية، وذلك إن كانت بالغة عاقلة غير مكرهة، وعفو الزوج أن يعطى الصداق كاملا، وسمى إعطاؤه كاملا عفواً باعتبار أنه قد عقده على نفسه أولا كاملا، فلما انتفى المس، وكان الطلاق، كان له إبطال النصف فعفى لها عن إبطاله أو سمى زيادته نصفا الذى لم يلزمه عفو لمجاورته فى الذكور لما هو عفو وهو قوله إلا أن يعفون، وسمى المشاكله كالمعاقبة فى قوله بمثل ما عوقبتم به، أو كان الغالب أن يسوقوا المهر إليهن عند العقد أو بعده، وقيل الطلاق كاملا فإذا طلقوا قبل المس فلهم أن يردوا منهن النصف، وأن لم يردو فقد عفو أو سمى ذلك عفواً من العفو بمعنى التسهيل يقال فلان وجد المال عفواً معفوا، وكذلك هى تجده إذا بعث الصداق إليها كاملا، واختلفوا هل تستحق الصداق كله بالعقد، فإن طلقت قبل المس انفسخ النصف أو تستحق به النصف فقط، فإن مست استحقت النصف النصف الآخر، وهذا الطلاق قبله مخير للزوج بين إعطاء النصف والصداق كاملا، وهو قول بعض الشافعية وقول الحنفية أو مشطر للصداق بنفسه، فإن نشأ لزوج منح النصف الآخر بعد، وهو مذهبنا وتفسير الذى بيده عقدة النكاح، فالزوج وهو قول على وابن عباس وجبير بن مطعم وابن المسيب وابن جبير ومجاهد والربيع وقتادة ومقاتل والضحاك ومحمد بن كعب القرطبى، وأحمد وأبى حنفية والشافعى فى جديدة، وجمهور الأمة، وبه قال جبير بن مطعم روى أنه تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فأكملها الصداق وقال إنا أحق بالعفو وأنا الذى بيده عقدة النكاح، فقال له الحسن الذى بيده عقدة النكاح الولى، ودخل على سعد بن أبى وقاص فعرض عليه بنتا فتزوجها، فلما خرج طلقها وبعث إليها بالصداق كاملا، فقيل له لِمَ تزوجتها؟ قال عرضها على فكرهت رده.

السابقالتالي
2 3