{ لا جُنَاحَ عَليْكُم إنْ طَلَّقتُم النِّساءَ ما لم تمسُّوهُنَّ أو تَفْرِضُوا لَهنَّ فَريضَةً } أى لاتباعة للنساء عليكم من ومهر أو ذنب إن طلقتم النساء مدة كونكم غير ماسين لهن، أى واطئين لهن، أى واطئين وغير فارضين لهن فريضة، فإن من تزوج ولم يسم صداقا ولم يمسها حتى طلقها لا ذنب عليه ولا مهر كامل ولا نصف مهرٍ، إذ ليس الطلاق قبل المس بدعة كالطلاق فى الحيض، والطلاق ثلاثا وقيل لا جناح عليكم فى تطليقهن قبل المس على أى حال، ولو حال حيضهن إذ لا سنة فى طلاقهن قبل المس وقيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر النهى عن الطلاق ويقول " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " وينهى عن التزوج لمعنى الذوق وقضاءِ الشهوة، وأمر بالتزوج لمعنى طلب العصمة والتماس ثواب الله، وقصد دوام الصحبة، فوقع فى نفوس المؤمنين أن فى الطلاق قبل المس خرجا من إثم أو مال تأخذه المرأة، فنفى الله الحرج، ولإثم إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن، وما ظرفية مصدرية، وقرأ حمزة والكسائى تماسوهن بضم التاءِ وبالألف بعد الميم فى جميع القرآن، ومعناه الجماع والمفاعلة فيه الموافقة المجرد أو على أصلها بناء على أنهُ إذا مسها، فقد مسته، وأو بمعنى الواو، والفعل بعدها مجزوم بالعطف، وكأنه قيل ما لم تمسوهن ولم تفرضوا، ويجوز أن تكون أو بمعنى إلا، فيكون الفعل بعدها منصوبا بأن مضمرة كقولك لأزمنك أو تعطينى حقى، أى إلا أن تعطينى، أى لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن إلا أن تفرضوا لهن فريضة، فعليكم حينئذ اتباعه مهر، وهى نصف المهر المفروض، ويجوز أن تكون بمعنى حتى كقولك لأزمنك أو تعطينى حقى، أى إلى أن تعطينى حقى وهو أولى فى المثال وهو محتمل، والفعل أيضا منصوب والمصدر على هذين الوجهين معطوف على مصدر مقدر قبلها، وفريضة فعيلة بمعنى مفعولة فى الأصل، وتغلبت عليهِ الإسمية، لأن فالتاء للنقل من الوصفية إلى الإسمية ومعناه الآن المهر المسمى، فهو مفعول به لتفرضوا، أى تقطعوا المهر بالتسمية، ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا على أنه مصدر، أى إلا أن تفرضوا لهن فرضا، وشرط لعدم اتباعه عدم المس، وعدم الفرض، وأشار إلى حكم حالة عدم ذلك بقوله { وَمتِّعُوهُنَّ } إذا طلقتموهن بلامس ولا فرض، أى أعطوهن ما يتمتعن به من مال، ويزول به عنهن بعض الوحشة الحاصلة للطلاق، وذلك واجب، لأن الأمر المجرد للوجوب، ولقوله { على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } بعلى الدالة على الختم، ولقوله { حقا على المتقين } ، عندنا وعند الشافعى وأحمد وأبى حنيفة، وقال مالك المتعة مستحبة وفى الوجوب قال ابن عمرو بعض متأخرى المالكية وبه قالت المعتزلة أيضا، وما قدرته من القيد بقولى إذا طلقتموهن بلامس ولا فرض أولى من تقدير المعطوف عليه، هكذا فطلقوهن ومتعوهن، بأن الأصل ألا يؤمر بالطلاق ولو كنا إذا قدرناه كان عندنا على معنى فطلقوهن إن شئتم ومتعوهن.