الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أيها الرجال المريدون للتزوج. { فِيما عَرَّضْتُم بهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ } التعريض إلقاء المقصود فى وهم السامع، أعنى فى قلبه بلفظ لم يوضع لذلك المقصود حقيقة ولا مجازا، واختصار هذا أن نقول إيهام المقصود بما لم يوضع له حقيقة ولا مجازا، كقول الفقير أنا ذو عيال أو منذ يوم ما ذقت طعاما، أو القمر شبيه بالرغيف ونحو ذلك مما يصلح للمقصود وغيره، لكن دلالته بجانب المقصود أتم وأرجح، ويسمى التعريض تلويحاً، لأنه يلوح بالمقصود، ففى معنى الآية يقول مريد تتزوج امرأة ما أحسن ثيابك، أو ليتنى وجدت مثلك، أو أنى أريد بالتزوج، أو أنك جميلة أو صالحة، أو من غرضى التزوج، أو أنى فيك لراغب، أو عسى الله أن ييسر لى امرأة صالحة، ونحو ذلك ما ليس تصرحياً بالتزوج، كما قيل فى حد التعريض الإشارة إلى الشئ بما يفهم السامع مقصوده بلا تصريح به، وكما قيل ما له من الكلام ظاهر وباطن وأريد الباطن، وهذا ضعيف لأنه يشمل الكناية والمجاز، وماله ظاهر وباطن، وأريد الباطن، وهذا ضعيف لأنه يشمل الكناية والمجاز، وماله ظاهر باطن، وأريد ظاهره، والكناية الدلالة على الشئ يلازمه، وتطلق أيضا على اللفظ الدال على المراد بذكر لازمه. كطويل النجاد، كناية على طول القامة، لأن من طالت قامته يناسب طول النجاد، وهو علاقة السيف، والخطبة بكسر الخاء طلب المرأة للتزوج واشتقاقه من الخطب بمعنى الشأن، يقال ما خطبك؟ أى ما شأنك؟ فيقال خطب المرأة أى سألها فى نفسها شأنا، أو من الخطب الذى بمعنى الكلام يقال خطبها أى تكلم لها فى أمر النكاح، والخطب الأمر العظيم، لأنه يحتاج فيه إلى خطاب كثير، الخطبة بالضم الزجر والوعظ، و { من خطبة النساء } حال من ما أو من الهاء فى به، ومن للبيان، أى وهو خطبة النساء، وذاك جنس، أو للتبعيض أى بعض خطبتهن، وذلك إفراد وأل فى النساء للعهد الذكرى، والمراد النساء المعتدات، أعنى اللاتى فى العدة لم يخرجن منها، وهى عدة الوفاء لأنهن المذكورات عقبوالذين يتوفون منكم } والظاهر أن التى حرمت على زوجها أبدا، والتى طلقها ثلاثا يجوز أيضا التعريض لهما فى العدة، وكذا التى لا تصح رجعتها، بل تجديد النكاح كالمنفسخة لعنة أو عيبا لأنهن ليس فى نكاح، وأما التى تصح رجعتها، ولكن لا يملكها زوجها إلا برضاها، فقيل كذلك، وقيل لا يجوز وهو الصحيح، وفى الحوطة، وقيل لا يجوز التعريض إلا المتوفى عنها، لأنه ورد فى المتوفى عنها قيل، ولأنهن يعتددن بالأقراء فلعلهن كَذَبن فى انقضآء العدة رغبة فى الخطاب بتعريض. وأما المطلقة رجعياً يملكه زوجها فيحرم التعريض لها، وإذا لم تجز الرجعة أو جازت برضاها فقط فلزوجها التعريض والتصريح، وأما التى خرجت من العدة أو من لم تتزوج فتخطب تعريضا أو تصريحا إلا أن سبقه غيره فى خطبتها فلا حتى ترده تصريحا، وإن سكتت فلا يخطبها لأن السكوت لا يدل على الرضا جزما، ولا على الكراهة، وقد تحقق أن الأول خطبها فلا يدخل هو فى الخطبة إلا على علم بحال جوازها له، وهو غير عالم لعل سكوتها لم ترد به الرد، هذا ما ظهر لى وبه قال مالك والشافعى فى قديمه، وقال فى الجديد لأن السكوت لا يدل على الرضا، وفيه أنه لا يدل أيضا على الكراهة، وفسر ابن عباس التعريض بأن يقول أريد التزويج، وإن النساء لمن حاجتى ولوددت أنه يسرت إلى امرأة صالحة، وعن مجاهد التعريض أن يقول لها إنك فى نفسى، وما يقدر من أمر يكون، وقال الحسن أن يقول احبسى نفسك على فإنى أفعل بك كذا وكذا وأهدفك كذا وكذا، وروى بن المبارك عن عبد الرحمن بن سليمان عن خالتة سكينة ابنة حنطلة أنها قالت دخل على أبو جعفر محمد بن على الباقر فى عدتى فقال قد علمت قرابتى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق جدى على بن أبى طالب، وقدامى فى الإسلام، فقلت غفر الله لك أتخطبنى فى عدتى، وأنت يؤخذ عنك العلم.

السابقالتالي
2 3 4