الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ وإذَا طَلَّقْتمُ } أيها الأزواج. { النِّساء } تطليقاً رجعيا. { فَبَلغْنَ أَجَلهُنَّ } أو قاربن بلوغه، لأن بعد انقضاء الأجل لا إمساك له ولا تسريح، بل مضت لسبيلها قال ابن هشام يعبر بالفعل عن مشارفته نحو { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن، فأمسكوهن } أى فشارفن انقضاء العدة انتهى. قلت ذلك من مجاز الأول، لأن الطلاق مرجعه إلى بلوغ الأجل، أو يقدر مضاف، أى فبلغن آخر أجلهن، أو سمى البعض باسم الكل، وإن جعلنا الأجل اسما لمنتهى المدة كما يطلق عليها كلها فلا مجاز، وعلى كل وجه خص الآخر بالذكر لأنه وقت الفوت، فيجود نظر. فيراجع أو يتركه فتفوته، وقد كان قبل ذلك فى فسحة فيتروى فيها لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وإلا فله الإمساك بالرجعة أول العدة أيضا، ووسطها، ولكن التعميم الذى يترتب عليه الفوت باتصال هو آخر العدة والبلوغ يطلق على الوصول وعلى الدنو، والآية تحتملها، لأن المعنى وصلنا آخر العدة فيه بمقدار ما تمكن الرجعة أو دنو من انقضائها، وإنما الممنوع أن يقال وصلنا تمام العدة، لأنها إذا تمت عدتها لم تصح مراجعتها، والمعنيان يناسبهما معا قوله تعالى { فَأمْسِكوهُنَّ } بالرجعة بالإشهاد عندنا وعند الشافعية، وبالوطء عند المالكية وغيرهم، ويأتى ذلك إن شاء الله فى سورة الطلاق. { بمعْرُوفٍ } بلا قصد إضرار لهن، بل بالوفاء بالحقوق، فهو متعلق بمحذوف حال مقدرة، والباء للمصاحبة، ويجوز أن يكون المعروف هو الإشهاد، فتعلق بأمسكوهن، فتكون للآلة. { وَلا تُمسِكُوهنَّ } بأن تراجعوهن، لتكونوا إذا بلغن أجلهن بعد أن تطلقوهن بعد الرجعة، راجعتموهن لتطول المدة فيتألمن بذلك، فإن كن لا يحضن فذلك تسعة أشهر، وإن كن يحضن فقد يكون ذلك أقل أو أكثر بكثير. روى أن رجلا قال لامرأته والله لأطلقن ثم. لأحبسنك تسع حيض لا تقدرين على أن تتزوجى، قالت وكيف ذلك؟ قال أطلقك ثم أراجعك عند مقاربة العدة، ثم أطلقك أو أفعل ذلك فنزل { وإذا طلقتم النساء } الآية، وإن قلت لا تمسكوهن ضرارا يغنى عنه، فأمسكوهن بمعروف، إذ الأمر نهى عن تركه جزماً، قلت الأمر لا يدل على التكرير على الصحيح، فذكر لا تمسوهن. { ضِرَاراً } دفعا لما يتوهموا من أن يمسها زمانا بمعروف، وفى قلبه أن يضارها بعد. { لتَعْتَدُوا } لتظلموهن أو لتلجئوهنَّ إلى الفداء، وضرارا مفعول لأجله متعلق يتمسكوا، ولتعتدوا متعلق بضرارا أو يتمسكوا، ولتعتدوا متعلق بضراراً تعليل له، فلم تتوارد علتان على مفعول واحد بلا تبعية، أى لا ترجعوهن لتضاروهن بالرجعة لتجاوز الحد إليهن بالإلجاه للفداء. أو ضرارا حال، أى ذوى ضرار أو مضارين أو مبالغة عائدة إلى النهى، أو ضمن الإمساك معنى الإضرار، فيكون ضرارا مفعولا مطلقاً ولتعتدوا فى هذه الأوجه متعلق بضرار، أو يتمسكوا، والمفاعلة هنا للمبالغة، أعنى لفظ ضرار فإنه بوزن فعال بمعنى المفاعلة فى الأصل، أو لمواققة المجرد، وقيل الضرار الجزاء على الضر، وبسطته فى شرح النيل فى حديث

السابقالتالي
2