الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ }

{ وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ } شك { مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا } محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب - صلى الله عليه وسلم - وقرأ بعضهم { على عبادنا } أى محمد وأمته، والإضافة فى القراءتين تشريف وتنبيه، على أنه أو أنه وأمته على اختصاص بالله وانقياد لحكمه. روى أن اليهود قالوا إن القرآن ليس وحياً لأنه لم يشبه كلام الوحى، فنزلت الآية تحدياً لهم أنه إن كان من كلام البشر فليأتوا بمثله. وعلى هذا فالخطاب لليهود، وهذا أنسب بالقراءة الثانية. وقيل قال لك كفار مكة فنزلت. ويجمع بينهما بأن اليهود قالته فتبعتهم كفار مكة. وكذا يقال فى قوله تعالىوقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } ووجه قولهم أنه لا يشبه الوحى، أنهم سمعوا أنه ينزل شيئاً فشيئاً بحسب الوقائع. كما يركب الشاعر قصيدته شيئاً فشيئاً والتأثر كلامه شيئاَ فشيئاً والخطيب خطابته. { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } وأنتم أفصح العرب العرباء وأبلغهم وفى كثرة العدد والمضادة والمضارة وحب المغالبة مشمرون فى ذلك فاجهدوا جهدكم فى ذلك لعلكم تأتون بسورة من مثله تركبونها شيئاَ فشيئاً. { وَادْعُوا شُهَدَآءَكُمْ } آلهتكم. وقال ابن عباس من شهدكم وحضركم من عون ونصير. { مِنْ دُونِ اللَّهِ } ليعينوكم على ذلك. { إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ } فى قولكم إنه من كلام البشر والسورة من القرآن أو التوراة أو الإنجيل أو غير ذلك من كتب الله طائفة مسماة باسم خاص أقلها ثلاث آيات. وذكر الجعبرى أن السورة قرآن يشتمل على آى ذى فاتحة وخاتمة، وأقلها ثلاث آيات. والواو أصل وهى منقولة من سورة المدينة لأنها محيطة بطائفة من القرآن مفرزة محورة على انفرادها مجتمعة اجتماع البيوت، كما يحيط سور المدينة ببيوتها، ومن هذا المعنى السوار لإحاطته بالساعد، أو لأنها محيطة بأنواع من العلم إحاطة السور بالمدينة والسوار بالساعد. وقيل سميت سورة لأنها مرتفعة الشأن لأنها من كلام الله، والسورة المنزلة الرفيعة. قال النابغة
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها بتذبذب   
وقال أيضاً من قصيدة أخرى له
ولرهط حراب وقد سورة فى المجد ليس غرابها بمطار   
وحراب وقد رجلان من بنى إسرائيل. وسورة منزلة رفعية. وقوله ليس غرابها بمطار، كناية عن كثرة الرهطين، ودوام المجد لهما فإن النبات إذا كثر فى موضع لا يطير غرابه، لأن الغراب إذا وقع فى موضع الخصب أصاب فيه ما لا يحتاج معه إلى أن ينتقل منه إلى مكان آخر، أو كناية عن كثرة الثمار المكنى بها عن عمار الموضع والبقاء فيه، وقيل من السورة بمعنى مطلق المنزلة والمرتبة لا من حيث كونها مرتفعة. ولو كانت السورة عالية الشأن أو من المنزلة والمرتبة من حيث إن القارئ يرتقى فيها أو لأن لها مرتب فى الطول والقصر والفضل والشرف وثواب القراءة وقد علمت أن السورة فى البيتين المنزلة والرتبة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8