الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ }

{ وَيسألَونك عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أذْى } قال السدى السائل ثابت بن الدحداح أبو الدحداح، وسأل أيضاً غيره من الصحابة، " سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحيض، ولفظ السؤال فيه نوع إبهام أنه تبين بقوله { قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض } ، بواسطة قوله صلى الله عليه وسلم " إنما أمرتم بعزل الفروج " أن السؤال كان عن مخالطة النساء حال الحيض، وكأنه قيل ويسألونك عن المحيض ما يفعل النساء معه؟ فحذف ويسألونك عن خلطة المحيض، أو خلطة الحيض أو خلطة زمانه، أو خلطة مكانه، وصحة إضافة الخلطة أو زمانه أو مكانه للملابسة، وإلا فالمخالط المرأة ذات الحيض، فأقرب من ذلك أن يقدر ويسألونك عن مخالطة صاحبة المحيض، فقد ظهر لك أن المحيض مصدر ميمى أو إسم مكان ميمى، أو إسم زمان ميمى، ومكان الحيض هو فرجها، وزمانه هو الزمن الذى جاءها فيه، فإن المضارع الذى عينه مكسورة معتلة قيل تكسر عينه فى اسم الزمان واسم المكان، وتفتح فى المصدر قياساً فيما لم يرد فيه السماع، وقيل تفتح عينه فى الزمان والمكان، وتكسر فى المصدر، وقيل يخير فى الفتح والكسر فى المصدر، وتفتح فى غيره، والقول باستعمال القياس ولو فيما ورد فيه السماع مردود، وجاءت السؤالات الثلاث الأولى بلا واو، لأنهن فى أوقات متفرقة، والثلاث الأواخر بالواو، لأنهن فى وقت واحد، وجئ بحرف الجمع، كأنه قيل يجمعون لك بين السؤال عن الخمر والميسر، والسؤال عن الإنفاق، والسؤال عن المحيض، فأمره الله أن يجيب بأنه أذى، وهو جواب صحيح، ولو قدرنا عن مخالطة المحيض أو عن صاحبة المحيض، لأن التكلم عن الحيض أو عن الدم بأنه أذى تكلم على صاحبه، والأذى الشئ المستقذر المؤذى، من يقربه أو يقدر مضاف، أى محل أذى إذا فسرنا المحيض بالفرج، فذلك المحل مستقذر بالدم مؤذ، وقيل الأذى الدم، وكفى الجواب بأنه الدم، لأن الدم مستقذر، وهذا القول على أن المحيض الفرج، فيقدر مضاف، أى هو محل أذى، أى محل دم، وقيل الأذى المرض، أى المحيض وهو الفرج حين الحيض محل أثر المرض، ويجوز على هذا القول أن يفسر المحيض بالحيض الذى هو المعنى المصدرى، وهو السيلان، أى خروج الدم مرض، وكفى هذا فى الجواب لأن المرض ينفر عنه. { فاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِى المحِيضِ } أى اجتنبوا وطء النساء وقت الحيض، أو فى مكان الحيض وهو الفرج، أو موضع الإزار، وجاز لكم الوطء فميا دون ذلك وقت الحيض، ووصف المحيض بأنه أذى، ورتب الحكم الذى هو ترك وطئهن عليه بالفاء ليفيد أن الأذى العلة فى المنع، وذلك أن دم الحيض دم فاسد يتولد من فضلة تدفعها طبيعة المرأة من عمق الرحم، ولو احتبست تلك الفضلة لمرضت، وهو جار فى مجرى البول والغائط، فكان أذى مثلها، بخلاف دم الاستحاضة، فدم صالح يسيل من عرق ينفجر فى فم الرحم، وليس من مجرى البول والغائط، روى

السابقالتالي
2 3 4 5 6