الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }

{ إنَّ الَّذينَ آمنُوا والَّذينَ هَاجَرُوا } أوطانهم وأحبابهم. { وجَاهدُوا فى سَبِيلِ الله أولئك يرْجُون رَحْمتَ الله } ثوابه على إيمانهم ومهاجرتهم وجهادهم وأعمالهم. { واللّهُ غفُورٌ رَحيمٌ } لمن تاب وعبد الله وأصحابه مغفور لهم ما فعلوه خطأ وقلة حوطة، فجرد لهم الأجر والثواب، وإنما شكوا فى السلامة من الإثم ولم يقطعوا بها، لأنه لم يصرح لهم بها، وقيل إنهم علموا بها، وإنا لما فرج عنهم ما كانوا فيه من الغم الشديد بقتالهم فى الشهر الحرام، طُمَعَوا فيما عند الله من ثوابه، فقالوا يا رسول الله لا عقاب علينا فيما فعلنا، فهل نعطى أجرا وثوابا على أن يكون ذلك منا عزواً وطاعة؟ فنزلت الآية مبشرة بأنهم مؤمنون مهاجرون، وأن ذلك القتال منهم جهاد فى سبيل الله، وقدم الإيمان لأنه أصل الأعمال. ثم الهجرة ثم الجهاد على ترتيب ذلك فى الواقع، وأفرد الإيمان بموصول والهجرة والجهاد بمؤصول، لأنه أصل مستقل فى أرجاء الرحمة، وهما ثمرته وفرعه قد يصح بدونهما، ولا يصحان بدونه، فلم يجمع ذلك كله بموصول واحد، ولأن إفرادهما بموصول تعظيم لشأنهما لإشعاره باستقلالهما واستتباع الرجاء، والمراد بالموصولين الجنس، فيدخل فيه عبد الله بن جحش وأصحابه، أو يراد عبد الله بن جحش وأصحابه فيعلم حكم غيرهم بالمقايسة لوجود العلة وهى الإيمان، والمهاجرة والجهاد. قال عروة بن الزبير لما عنف المسلمون عبد الله بن جحش وأصحابه شق ذلك عليهم، فتداركهم الله بهذه الآية، فأزال الله الوحشة، ثم حكمها باق أبدا فى حال القتال فى الأشهر الحرم، والمفاعلة فى هاجروا وجاهدوا للمبالغة، أى بلغوا مجهودهم فى الهجرة، والقتال والرجاء أبدا معه خوف، ويقارنه علم وإن لم يقارنه فذلك أمنية، والعمل لا يوجب الثواب لعلع فيه خللا، ولعله يختم لصاحبه بالسوء والعياذ بالله، فلذلك قال { يرجون } وأيضاً الثواب غير واجب على العمل عقلا، إذ كل نعمة من الله فضل بل نفس العمل نعمة من الله، فالإنسان بمجرد عقله يطمع. { يسألوُنَكَ عَن الخَمْر والميْسِرِ } روى أنه نزل بمكة قوله تعالىومن ثمرات النخيل } الآية، فكان المسلمون يشربون الخمر، وقيل كانوا يشربونها قبل الآية، ثم إن عمر ومعاذا فى نفر من الصحابة قالوا أفتنا يا رسول الله فى الخمر، فإنها مذهبه للعقل مسلبة للمال، فنزل قوله تعالى { يَسْألُونَكَ عَن الخَمْرِ } الآية فشربها قوم وتركها آخرون، ثم دعا عبد الرحمن ابن عوف ناساً من المسلمين فشربوا وسكروا، وصلى أحدهم بهم إماماً فقرأ { قل يَا أيها الْكَافِرُونَ أعبد ما تعبدون } فنزل اللهلا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } فقل من يشربها، وقالوا لا خير فى شئ يحول بيننا وبين الصلاة، وحرم السكر فى وقت الصلاة، وإن شربت قبل وقت الصلاة فعل السكر يمتد إليه فكان من يشربها يشرب مقداراً لا يسكر أو يشرب بعد صلاة العتمة، فيصحوا قبل الفجر، أو يشرب بعد صلاة الفجر فيصحو قبل صلاة الظهر، وروى

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8