الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ كانَ النَّاسُ أمَّةً واحدةً } متفقين على الحق فيما بين آدم وإدريس، هذا قول ابن خيثمة، حكى القرطبى عنه أنه منذ خلق الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، خمسة آلاف سنة وثمان مائة سنة، وقيل أكثر من ذلك، وكان بينه وبين نوح ألف سنة، وعاش آدم تسع مائة سنة، وكان الناس فى زمانه أمة واحدة متمسكين بالدين الحق، تصافحهم الملائكة، وداموا على ذلك إلى أن رفع إدريس عليه الصلاة والسلام، فاختلفوا قال وفى هذا نظر، لأن إدريس بعد نوح على الصحيح قلت بل الصحيح أنه قبل نوح، وعن ابن عباس وقتادة وعكرمة كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون على شريعة الحق من، فاختلفوا، والقرن مائة سنة على الصحيح، وقال الشيخ هود رحمه الله أريد عشرة آباء والاختلاف وقع فى زمان نوح عليه السلام، وقيل المراد آدم وأولاد أواده فى حياته أمة واحدة على الإسلام والحق، إلى أن قتل قابيل هابيل حسداً وبغياً، ودام الاختلاف، فبعث الله النبيين بعد آدم عليه السلام، وقال الكلبى الناس الذين كانوا أمة واحدة أهل سفينة نوح عليه السلام، كانوا بعد الطوفان على الحق، وكانت الفطرة إلى أن بعث الله صالحاً، وقال أبى بن كعب وابن زيد المراد بالناس بنو آدم حين أخرجهم الله نسما من ظهر آدم، قالوا كلهم بل أنت ربنا، وقيل كانت العرب على دين إبراهيم إلى أن غيره عمرو بن لحى، وقيل الناس آدم وحده المتضمن لأولاده كلهم، كان وحده على الحق حتى جاءت أولاده واختلفوا، وهذه أقوال الجمهور وفى رواية عن ابن عباس رضى الله عنهما، وعطاء والحسن كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح عليه السلام أمة واحدة على الكفر أمثال البهائم، فبعث الله النبيين نوحاً وغيره، وقيل فى فترة نوح وإدريس، وقيل المعنى أنه يكون الناس أمة واحدة على الكفر، لولا أن الله تبارك وتعالى من يبعث الرسل، وفى الكلام حذف، أى كان الناس أمة واحدة، فاختلفوا بأن آمن بعض وكفر بعض. { فَبَعَث } إليهم. { اللّهُ النَّبِيِّين مبُشِّرِينَ } من آمن بالجنة. { ومُنذِرِين } من كفر بالنار ويدل على هذا الحذف قوله تعالى { فيما اختلفوا فيه } ، وقد قرأ أيضاً ابن مسعود { كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين } الآية، وعن كعب الذى علمته من عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، والمرسل منهم ثلاث مائة وثلاثة عشر، والمذكورون فى القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون. { وأنزل مَعهُم الكِتابَ } جنس الكتب لا كتاب واحد لأن كتب الله كثيرة، ولم ينزل على كل واحد، فإن أكثرهم لم يكن لهم كتاب يخصهم، وإنما انها كانوا يأخذون بكتاب من قبلهم أو كتب من قبلها وصاحب الكشاف قال أو مع كل واحد منهم كتابه، وظاهره أنه أجاز التفسير، لأنه أنزل مع كل نبى كتاباً، فإما على ظاهره، وإما أن يريد أنه أنزل كتاباً على نبى يكون، ولمن شاء الله بعده أو معه من النبيين.

السابقالتالي
2 3