الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

{ يا أيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا ادْخُلُوا فى السِّلْمِ } بفتح السين عند نافع وابن كثير والكسائى، وبكسرها عند الباقين، وهى الصلح ضد الحرب، فمن زاغ فى فعل أو قول أو اعتقاد عن أمر الشرع فقد حارب وخرج عن الصلح، فإن السلم إما الصلح الذى هو ترك القتال وإثبات الأمن والعافية، وإما الصلح الذى هو الوقوف مع أحكام الشرع، والمراد هنا كلاهما أو الثانى والأول مفهوم بالأولى، فكذا الحرب هو القتال أو الخروج عن أحكام الشرع، ولذلك يطلق السلم على الانقياد والطاعة، وعلى الإسلام، ويجوز تفسير الآية بهما من أول مرة أو بالإسلام، وقد فسره بهما الزمخشرى إذ قال السلم بفتح السين وكسرها، وقرأ الأعمش بفتح السين واللام وهو الاستسلام لله، أى استسلموا وأطيعوه، فجعله القاضى أصلا فى الاستسلام والطاعة، فرعاً فى الصلح والإسلام. { كافَّةً } خال من واو ادخلوا، أى ادخلوا فى السلم حال كونكم جماعة واحدة، لا يختلف منكم أحد، والخطاب للمؤمنين، أمرهم بالدوام على ما هم عليه وعدم خروجهم أو خروج بعضهم إلى بعض عداوة حسية، أو فتنة دين، ففيه زجر لعبد الله بن سلام عما أراده من الثبوت على بعض أحكام التوراة، لأن منهما ما نسخ بالإنجيل، وما نسخ بالقرآن، وما حرفه اليهود، وما زادوه، وفيها نقصان منهم، وما بقى سالما منها ففى التمسك به وإشهاره تدرع إلى العمل بما نسخ، وما زيد وما حرف منها، وما نقص بعضه وبقى معطلا، وإلى الإعراض عن القرآن وتركه، أو ترك بعضه، وكذا أشباه عبد الله بن سلام، فأمره الله مع جميع المؤمنين أن يتفقوا ولا يخرج بعضهم عن القرآن إلى التوراة، ولا إلى غيرها. روى أن عبد الله بن سلام استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم على السبت، وأن يقرأ من التوراة فى صلاته من الليل، ولذلك قال بعضهم كما روى ابن عباس الخطاب لمؤمنى أهل الكتاب، فإنهم بعد إسلامهم عظموا السبت وحرموا الإبل وألبانها. وإن قلت كيف صح أن يكون كافة، وهو مفرد مؤنث، حالا من الواو؟ قلت صح كافة بمعنى عامة، أو لتأويل جماعة كافة، وذلك أن العامة أو الجماعة يكف بعضها بعضاً عن التفرق، أو لأن التاء ليست للتأنيث بعد النقل من الوصفية إلى الاسمية، ورائحة الوصفية تكفى فى جواز النعت، فلا برد اعتراض أبى حيان بأن تاء كافة ليست للتأنيث، ويجوز أن يكون حالا من السلم، والسلم يؤنث ويذكر، قال العباس بن مرداس السلمى يخاطب أبا خراشة خفاف بن ندبة
أبا خراشة أما أنت ذا نفر فإن قومى لم تأكلهم الضبع السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب يكفيك من أنفاسها جرع   

السابقالتالي
2