الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }

{ وإذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ الله } فى قولك وفعلك واعتقادك. { أَخَذَتْهُ العِزَّةُ } أى حمله المنعة والتكبر، أو حملته طلب العزة، أى الغلبة، وذلك من جملة حمية الجاهلية. { بالإثْمِ } أى على الإثم الذى ينهى عنه بقول القائل اتق الله وذلك عناد ولجاج فى الكفر، وإعراض عن وعظ الواعظ، وعلى الإثم بمعنى على أن يظلم القائل له اتق الله فى بدنه أو عرضه أو ماله، كما قيل إن خبيباً - رصى الله عنه - صلبه المشركون، فجاء مشرك اسمه سلامان معه رمح فوضعه بين ثدييه فقال له اتق الله، فما زاده إلا عنفا فطعنه فأنفذه فذلك قوله { وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم } كما يأتى فى الآية بعد قليل، يعنى سلامان أو بمعنى على أن يرد قول الواعظ، وقيل معنى أخذته العزة بالإثم أنه يقول إنى لأزداد بهذا قربة عند الله، أى حملته العزة على التقرب إلى الله بالإثم، وقد علمت أن الباء بمعنى على، ويجوز أن تكون بمعنى مع قال بعض السلف كفى بالمرء إثماً أن يقول له أخوه اتق الله، فيقول له عليك بنفسك مثلك يوصينى؟ وروى أحمد بن نضر الداودى موقوفاً عن ابن مسعود " من أكبر الذنب أن يقال للرجل اتق الله فيقول عليك نفسك أنت تأمرنى " ورويته فيما حفظته إن لم أنس مرفوعاً إليه صلى الله عليه وسلم. قيل لعمر اتق الله، فوضع خده على الأرض تواضعاً لله. { فَحَسْبُه } كافيه. { جَهَنَّمُ } النار الأخروية، أو دار العقاب، تطلق على جميع طبقات النار فى القرآن والأحاديث، وقد يطلق علماً على طبقة مخصوصة، واللفظ عربى والمنع من الصرف للعلمية على إرادة العقاب أو على النار الأخروية مع التأنيث، فإن النار والدار مؤنثان، وأصله البئر البعيدة القعر، سميت دار العقاب أو نارها لبعدها فى العمق، وأصلها من الجهم وهو الكراهة والغلظ، فالنون المشددة زائدة، وقيل هو عجمى معرب بتشديد الراء. أعنى منقول إلى العربية أو مصلح من فساد العجمية، وأصله فى العجمة كهنام أبدلت الكاف جيما، وأسقطت الألف، ويأتى الكلام فيه إن شاء الله. { ولَبئْسَ المِهَادُ } اللام للابتداء عند بعض، لأن الفعل الجامد كالاسم، أو لام جواب قسم محذوف، والمهاد الفراش، وقيل ما يفرش قبل الفراش مما يلى الأرض، وفيه بعد عن معنى الآية وعدم تناسب، لأن النار تلى جسم الكافر والمنافق، ولو كان المراد على القولين تسمية النار بالمهاد تشبيهاً به، ويجوز أن يراد بالمهاد ما يفرش للرأس والكتفين وما يليهما أسفل. والمخصوص بالذم محذوف للعلم به أى لبئس المهاد هى.