الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ ومِنْهُم مَن يقُولُ ربَّنا آتنا فى الدُّنيا حَسَنة } ما نحتاج إليه فى حياتنا من طعام وشراب ولباس وسكن وزوجة صالحة، وصحة بدن وكفاية الصر والولد الصالح، والنصر على الأعداء، وغير ذلك من المنافع على الكفاف، وما نحتاج من أمر الدين كالعلم والعبادة والتوفيق وخصال الشرع، واجتناب المعاصى والإصرار عليها. { وفى الآخِرَةِ حَسنةً } الجنة والأوزاج فيها والغرف والأجنة والمساكن وتسهيل أمر الحشر. { وقِنَا عَذَابَ النَّارِ } أى امنعناه ولا تدخلناه، ويكفى عنه ذكر قولهم { وفى الآخرة حسنة } من له الحنة لا يدخل النار، ولكن ذكروه مبالغة فى الدعاء وشدة رهبة منها، ويجوز أن يكون قولهم { وقنا عذاب النار } دعاء بالتنجية مما يورث النار وهو المعاصى، مع الإصرار عليها فيكون تخصيصاً، بعد تعميم بقولهم { ربنا آتنا فى الدنيا حسنة } وإن فسرناه بما لا يعم هذا كان قولهم وقنا عذاب النار على هذا المعنى مستقلا لا تخصيصاً ولا تأكيداً، وإنما دعوا بالدنيا ومدحهم الله، لأنهم لم يقتصروا عليها ولأنهم دعوا بها، لأنها لا بد منها، ولأنهم يتوصلون بها إلى أمر الدين والآخرة والدعاء بها على نية هذا التوصل عبادة. وروى عن على بن أبى طالب الحسنة فى الدنيا المرأة الصالحة، وفى الآخرة الحوراء، وعذاب النار المرأة السوء، يعنى أن سوء المرأة مرجع لزوجها كعذاب نار الدنيا، أو نار الآخرة، ولو كان لا يساويها، وقال الحسن بن أبى الحسن الحسنة فى الدنيا العلم والعبادة، وفى الآخرة الجنة، وقنا عذاب النار معناه احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى النار، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة " رواه مسلم عن عبد الله بن عمر وبن العاص. وقيل الحسنة فى الدنيا العلم والعبادة، وفى الآخرة الجنة، وقيل الحسنة فى الدنيا الرزق الحلال والعمل الصالح، وفى الآخرة المغفرة والثواب، وقيل من أتاه الله الإسلام والقرآن وأهلا ومالا فقد أوتى فى الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، يعنى فى الدنيا عافية وفى الآخرة عافيه، وأقول ولعل مراد أصحاب هذه الأقوال التمثيل، فإن الأظهر التعميم لحسنات الدنيا ولحسنات الآخرة، وعذاب النار عذاب الآخرة بالنار. وروى البخارى ومسلم وغيرهما عن أنس بن مالك قال " كان أكثر دعاء النبى صلى الله عليه وسلم " اللهم آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " وزاد مسلم عن أنس إذا أراد أن يدعو بدعاء دعى بها فيه، وأخرج أبو داود عن عبد الله ابن السائب، " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الركعتين " ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "

السابقالتالي
2